الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة السابعة

[ الصلاة على القبر ]

واختلفوا في الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الجنازة ; فقال مالك : لا يصلى على القبر . وقال أبو حنيفة : لا يصلي على القبر إلا الولي فقط إذا فاتته الصلاة على الجنازة ، وكان الذي صلى عليها غير [ ص: 200 ] وليها . وقال الشافعي وأحمد وداود وجماعة : يصلي على القبر من فاتته الصلاة على الجنازة . واتفق القائلون بإجازة الصلاة على القبر أن من شرط ذلك حدوث الدفن ، وهؤلاء اختلفوا في هذه المدة وأكثرها شهر .

وسبب اختلافهم : معارضة العمل للأثر . أما مخالفة العمل فإن ابن القاسم قال : قلت لمالك فالحديث الذي جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على قبر امرأة قال : قد جاء هذا الحديث وليس عليه العمل ، والصلاة على القبر ثابتة باتفاق من أصحاب الحديث ، قال أحمد بن حنبل : رويت الصلاة على القبر عن النبي - عليه الصلاة والسلام - من طرق ستة كلها حسان . وزاد بعض المحدثين ثلاثة طرق فذلك تسع . وأما البخاري ومسلم فرويا ذلك من طريق أبي هريرة . وأما مالك فخرجه مرسلا عن أبي أمامة بن سهل . وقد روى ابن وهب عن مالك مثل قول الشافعي ، وأما أبو حنيفة فإنه جرى في ذلك على عادته فيما أحسب - أعني : من رد أخبار الآحاد التي تعم بها البلوى إذا لم تنتشر ولا انتشر العمل بها ، وذلك أن عدم الانتشار إذا كان خبرا شأنه الانتشار قرينة توهن الخبر وتخرجه عن غلبة الظن بصدقه إلى الشك فيه أو إلى غلبة الظن بكذبه أو نسخه - .

قال القاضي : وقد تكلمنا فيما سلف من كتابنا هذا في وجه الاستدلال بالعمل ، وفي هذا النوع من الاستدلال الذي يسميه : الحنفية عموم البلوى ، وقلنا : إنها من جنس واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية