الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 778 ] ذكر عدة حوادث

في هذه السنة ، في رجب ، انقض كوكب عظيم غلب نوره على نور الشمس ، وشوهد في آخرها مثل التنين يضرب إلى السواد ، وبقي ساعة وذهب .

وفيها كانت ظلمة عظيمة اشتدت حتى إن إنسانا كان لا يبصر جليسه ، وأخذ بأنفاس الخلق ، فلو تأخر انكشافها لهلك أكثرهم .

وفيها قبض على الوزير أبي سعد بن عبد الرحيم ، وزير جلال الدولة ، وهي الوزارة السادسة .

[ الوفيات ]

وفيها في رمضان ، توفي رافع بن الحسين بن مقن ، وكان حازما ، شجاعا ، وخلف بتكريت ما يزيد على خمسمائة ألف دينار ، فملكها ابن أخيه خميس بن ثعلب ، وكان طريدا في أيام عمه . وحمل إلى جلال الدولة ثمانين ألف دينار فأصلح بها الجند ، وكانت يده قد قطعت [ لأن ] بعض عبيد بني عمه كان يشرب معه ، فجرى بينه وبين آخر خصومة ، فجردا سيفيهما فقام رافع ليصلح بينهما ، فضرب العبد يده فقطعها غلطا ، ولرافع فيها شعر ، ولم تمنعه من قتال [ فقد ] عمل له كفا أخرى يمسك بها العنان ويقاتل ، وله شعر جيد ، من ذلك قوله :


لها ريقة ، أستغفر الله ، إنها ألذ وأشهى في النفوس من الخمر     وصارم طرف لا يزايل جفنه
، ولم أر سيفا قط في جفنه يفري     فقلت لها ، والعيس تحدج بالضحى
: أعدي لفقدي ما استطعت من الصبر

[ ص: 779 ]     سأنفق ريعان الشبيبة آنفا
على طلب العلياء أو طلب الأجر

(     أليس من الخسران أن لياليا
تمر بلا نفع وتحسب من عمري

)

( وفيها ، في صفر ، أمر القائم بأمر الله بترك التعامل بالدنانير المغربية ، وأمر الشهود أن لا يشهدوا في كتاب ابتياع ولا غيره يذكر فيه هذا الصنف من الذهب ، فعدل الناس إلى القادرية ، والسابورية ، والقاسانية ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية