الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( واختلفوا ) في : ما لم تمسوهن الموضعين هنا وموضع الأحزاب فقرأ حمزة والكسائي ، وخلف بضم التاء وألف بعد الميم ، وقرأ الباقون بفتح التاء من غير ألف في الثلاثة .

                                                          ( واختلفوا ) في : قدره الموضعين فقرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي وخلف وابن ذكوان وحفص بفتح الدال فيهما ، وقرأ الباقون بإسكانها منهما .

                                                          وتقدم مذهب رويس في اختلاس كسرة هاء بيده عقدة النكاح و بيده فشربوا منه في باب هاء الكناية

                                                          ( واختلفوا ) في : وصية فقرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة وحفص وصية بالنصب ، وقرأ الباقون بالرفع

                                                          ( واختلفوا ) في : فيضاعفه هنا والحديد فقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب بنصب الفاء فيهما ، وقرأ الباقون بالرفع ، ( واختلفوا ) في : حذف الألف وتشديد العين منهما ، ومن يضعف ، و مضعفة وسائر الباب فقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بالتشديد مع حذف الألف في جميع القرآن . وقرأ الباقون بالإثبات والتخفيف .

                                                          ( واختلفوا ) في يبصط هنا وفي الخلق بصطة في الأعراف فقرأ خلف لنفسه ، وعن حمزة والدوري عن أبي عمرو وهشام ورويس بالسين في الحرفين . واختلف عن قنبل والسوسي وابن ذكوان وحفص وخلاد ، فروى ابن مجاهد عن

                                                          [ ص: 229 ] قنبل بالسين ، وكذا رواه الكارزيني عن ابن شنبوذ ، وهو ، وهم . وروى ابن شنبوذ عنه بالصاد ، وهو الصحيح عنه ، وهي طريقي الزينبي ، وغيره عنه ، وروى ابن حبش عن ابن جرير عن السوسي بالصاد فيهما ، ونص على ذلك الإمام أبو طاهر بن سوار ، وكذا روى عنه الحافظ أبو العلاء الهمداني إلا أنه خص حرف الأعراف بالصاد ، وكذا روى ابن جمهور عن السوسي ووجه الصاد فيهما ثابت عن السوسي ، وهو رواية ابن اليزيدي وأبي حمدون وأبي أيوب من طريق مدين . وروى سائر الناس عنه السين فيهما ، وهو في التيسير ، والشاطبية ، والكافي ، والهادي ، والتبصرة ، والتلخيصين ، وغيرها .

                                                          وروى المطوعي عن الصوري والشذائي عن الداجوني عنه عن ابن ذكوان السين فيهما ، وهي رواية هبة الله وعلي بن المفسر كلاهما عن الأخفش ، وروى يزيد والقباني عن الداجوني وسائر أصحاب الأخفش عنه الصاد فيهما إلا النقاش فإنه روى عنه السين هنا والصاد في الأعراف ، وبهذا قرأ الداني على شيخه عبد العزيز بن محمد عنه ، وهي رواية الشذائي عن دلبة البلخي عن الأخفش وبالصاد فيهما قرأ على سائر شيوخه في رواية ابن ذكوان ، ولم يكن وجه السين فيهما عن الأخفش إلا فيما ذكرته ، ولم يقع ذلك للداني تلاوة والعجب كيف عول عليه الشاطبي ، ولم يكن من طرقه ، ولا من طرق التيسير وعدل عن طريق النقاش التي لم يذكر في التيسير سواها ، وهذا الموضع مما خرج فيه عن التيسير وطرقه ، فليعلم ولينبه عليه .

                                                          وروى الولي عن الفيل وزرعان كلاهما عن عمرو عن حفص بالصاد فيهما ، وهي رواية أبي شعيب القواس وابن شاه وهبيرة كلهم عن حفص ، وروى عبيد عنه والحضيني عن عمرو عنه بالسين فيهما ، وهي رواية أكثر المغاربة والمشارقة عنه وبالوجهين جميعا نص له أبو العباس المهدوي وأبو عبد الله بن شريح ، وغيرهما ألا أن أحمد بن جبير الأنطاكي روى عن عمرو السين في البقرة والصاد في الأعراف ، وكذلك أحمد بن عبد العزيز بن بدهن عن الأشناني عن عبيد ، وروى ابن الهيثم

                                                          [ ص: 230 ] من طريق ابن ثابت عن خلاد الصاد فيهما ، وكذلك روى أبو الفتح فارس بن أحمد من طريق ابن شاذان عنه ، وهي رواية القاسم الوزان ، وغيره عن خلاد ، وبذلك قرأ أبو عمرو الداني على شيخه أبي الفتح في رواية خلاد من طرقه ، وعلى ذلك أكثر المشارقة .

                                                          وروى القاسم بن نصر عن ابن الهيثم والنقاش عن ابن شاذان كلاهما عن خلاد بالسين فيهما ، وهي قراءة الداني على شيخه أبي الحسن ، وهو الذي في الكافي ، والهداية ، والعنوان ، والتلخيص ، وسائر كتب المغاربة ، وانفرد فارس بن أحمد فيما قرأه عليه الداني بالوجهين جميعا السين والصاد في الموضعين من رواية خلف ، ولا أعلم أحدا روى ذلك عن خلف من هذه الطرق سواه - والله أعلم - .

                                                          وقرأ الباقون ، وهم المدنيان ، والكسائي والبزي وأبو بكر وروح بالصاد في الحرفين . وانفرد ابن سوار عن شعيب عن يحيى عن أبي بكر وأبو العلاء الحافظ عن أبي الطيب عن التمار عن رويس بالسين في البقرة والصاد في الأعراف .

                                                          وأما ما ذكره أبو العلاء من رواية روح ، وهو السين فيهما فوهم فليعلم .

                                                          ( واختلفوا ) في : عسيتم هنا والقتال ، فقرأ نافع بكسر السين فيهما ، وقرأ الباقون بفتحها .

                                                          ( واتفقوا ) على : قراءة بسطة بالسين من هذه الطرق لموافقة الرسم إلا ما رواه ابن شنبوذ عن قنبل من جميع الطرق عنه بالصاد ، وهي رواية ابن بقرة عن قنبل ، وعن أبي ربيعة عن البزي ورواية الخزاعي عن أصحابه الثلاثة عن ابن كثير .

                                                          وانفرد صاحب العنوان عن أبي بكر بالصاد فيها بخلاف ، وهي رواية الأعشى عن أبي بكر . وانفرد الأهوازي عن روح بالصاد فيها - والله أعلم - .

                                                          ( واختلفوا ) في : غرفة فقرأ المدنيان ، وابن كثير وأبو عمرو بفتح الغين . وقرأ الباقون بضمها . وتقدم الخلاف في إدغام أبي عمرو هو والذين .

                                                          ( واختلفوا ) في : دفاع الله هنا والحج فقرأ المدنيان ويعقوب بكسر الدال وألف بعد الفاء ، وقرأ الباقون دفع بفتح الدال ، وإسكان الفاء من غير ألف . وتقدم القدس لابن كثير . وتقدم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة لابن كثير ، والبصريين عند لا خوف عليهم .

                                                          ( واختلفوا ) في : إثبات الألف

                                                          [ ص: 231 ] من ( أنا ) وحذفها إذا أتى بعدها همزة مضمومة ، أو مفتوحة ، أو مكسورة فقرأ المدنيان بإثباتها عند المضمومة والمفتوحة نحو أنا أحيي ، أنا أول ، أنا أنبئكم ، أنا آتيك ، واختلف عن قالون عند المكسورة نحو إن أنا إلا ، فروى الشذائي عن ابن بويان عن أبي حسان عن أبي نشيط عنه إثباتها عندها ، وكذلك روى ابن شنبوذ وابن مهران عن أبي حسان أيضا ، وهي رواية أبي مروان عن قالون ، ورواها أيضا أبو الحسن بن ذؤابة القزاز نصا عن أبي حسان ، وكذلك رواها أبو عون عن الحلواني ، وروى الفرضي من طرق المغاربة ، وابن الحباب عن ابن بويان حذفها ، وكذلك روى ابن ذؤابة أداء عن أبي حسان كلاهما عن أبي نشيط ، وهي رواية إسماعيل القاضي وأحمد بن صالح والحلواني في غير طريق أبي عون وسائر الرواة عن قالون ، وهي قراءة الداني على شيخه أبي الحسن وبالوجهين جميعا قرأ على شيخه أبي الفتح من طريق أبي نشيط .

                                                          ( قلت ) : والوجهان صحيحان عن قالون نصا وأداء نأخذ بهما من طريق أبي نشيط ونأخذ بالحذف من طريق الحلواني إذا لم نأخذ بهما من طريق أبي نشيط ونأخذ بالحذف من طريق الحلواني إذا لم نأخذ لأبي عون فإن أخذنا لأبي عون أخذنا بالحذف والإثبات على أن ابن سوار والحافظ أبا العلاء ، وغيرهما رويا من طريق الفرضي إثباتها في الأعراف فقط دون الشعراء والأحقاف ، وكذلك روى ابن سوار أيضا عن أبي إسحاق الطبري عن ابن بويان ، وبه قرأت من طريقيهما ، وهي طريق المشارقة عن الفرضي - والله أعلم - .

                                                          وقرأ الباقون بحذف الألف وصلا في الأحوال الثلاثة ، ولا خلاف في إثباتها وقفا كما تقدم في بابه ، وتقدم اختلافهم في إدغام لبثت و لبثتم وإظهاره في باب حروف قربت مخارجها ، وتقدم اختلافهم في حذف الهاء وصلا من يتسنه ليعقوب وحمزة والكسائي وخلفا في باب الوقف على المرسوم . وتقدم اختلافهم في إمالة حمارك من باب الإمالة .

                                                          ( واختلفوا ) في : ننشزها فقرأ ابن عامر ، والكوفيون بالزاي المنقوطة . وقرأ الباقون بالراء المهملة .

                                                          ( واختلفوا ) في : وصل همزة قال أعلم والجزم فقرأ حمزة والكسائي بالوصل ، وإسكان الميم على الأمر ، وإذا ابتدأ كسرا همزة [ ص: 232 ] الوصل . وقرأ الباقون بقطع الهمزة والرفع على الخبر .

                                                          وتقدم انفراد الحنبلي عن هبة الله عن عيسى بن وردان بتسهيل همزة ( يطمئن ) وما جاء من لفظه في باب الهمز المفرد .

                                                          ( واختلفوا ) في : فصرهن إليك فقرأ أبو جعفر وحمزة وخلف ورويس بكسر الصاد ، وقرأ الباقون بضمها ، وتقدم اختلافهم في إسكان جزءا عند هزؤا ، وكذلك تقدم مذهب أبي جعفر في تشديد الزاي في باب الهمز المفرد ، وتقدم اختلافهم في إدغام أنبتت سبع من فصل تاء التأنيث في الإدغام الصغير ، وتقدم اختلافهم في تشديد يضاعف عند فيضاعفه له في هذه السورة ، وتقدم مذهب أبي جعفر في إبدال رياء الناس في باب الهمز المفرد

                                                          ( واختلفوا ) في : ربوة هنا ، وفي المؤمنون فقرأ ابن عامر وعاصم بفتح الراء ، وقرأ الباقون بضمها ، وتقدم اختلافهم في إسكان ( أكلها ) عند هزؤا من هذه السورة .

                                                          ( واختلفوا ) في : تشديد التاء التي تكون في أوائل الأفعال المستقبلة إذا حسن معها تاء أخرى ، ولم ترسم خطا ، وذلك في إحدى وثلاثين تاء ، وهي ولا تيمموا الخبيث هنا ، وفي آل عمران ولا تفرقوا ، وفي النساء الذين توفاهم الملائكة ، وفي المائدة ولا تعاونوا ، وفي الأنعام فتفرق بكم ، وفي الأعراف فإذا هي تلقف ، وفي الأنفال ولا تولوا عنه ، وفيها ولا تنازعوا ، وفي " براءة " هل تربصون بنا ، وفي هود وإن تولوا فإني أخاف ، وفيها فإن تولوا فقد أبلغتكم ، وفيها لا تكلم نفس ، وفي الحجر ما ننزل الملائكة ، وفي طه ما في يمينك تلقف ، وفي النور إذ تلقونه ، وفيها أيضا فإن تولوا فإنما ، وفي الشعراء فإذا هي تلقف ، وفيها على من تنزل ، وفيها الشياطين تنزل ، وفي الأحزاب ولا تبرجن ، وفيها ولا تجسسوا ، وفيها لتعارفوا ، وفي الممتحنة أن تولوهم ، وفي الملك تكاد تميز ، وفي ن لما تخيرون ، وفي عبس عنه تلهى ، وفي الليل نارا تلظى ، وفي القدر من ألف شهر تنزل ، فروى البزي من طريقيه سوى الفحام والطبري والحمامي عن النقاش عن أبي ربيعة تشديد

                                                          [ ص: 233 ] التاء في هذه المواضع كلها حالة الوصل فإن كان قبلها حرف مد ولين . نحو ولا تيمموا ، و عنه تلهى أثبته ومد لالتقاء الساكنين كما تقدم التنبيه عليه في باب المد لأن التشديد عارض فلم يعتد به في حذفه . وإن كان ساكنا غير ذلك من تنوين ، أو غيره جمع بينهما إذا كان الجمع بينهما في ذلك ونحوه غير ممتنع لصحة الرواية واستعماله عن الفراء والعرب في غير موضع .

                                                          وقد ذكر الديواني في شرحه جميع الأصول أن الجعبري أقرأه بتحريك التنوين بالكسر في نارا تلظى على القياس ، ولا يصح .

                                                          ( قلت ) : وقفت على كلام الجعبري في شرحه فقال : وفيها وجهان - يعني في العشرة التي اجتمع فيها الساكنان - صحيحان نحو هل تربصون ، و على من تنزل ، و نارا تلظى ( أحدهما ) أن يترك على سكونه ، وبه أخذ الناظم والداني والأكثر ( والثاني ) كسره وإليهما أشرنا في النزهة بقولنا :


                                                          وإن صح قبل الساكن إن شئت فاكسرا



                                                          فظهر أن الديواني لم يغلط فيما نقله عن الجعبري ، وهذا لا نعلم أحدا تقدم الجعبري إليه ، ولا دل عليه كلامه ، ولا عرج عليه من أئمة القراءة قاطبة ، ولا نقل عن أحد منهم .

                                                          ولو جاز الكسر لجاز الابتداء بهمزة وصل ، وهذا وإن جاز عند أهل العربية في الكلام فإنه غير جائز عند القراء في كلام الملك العلام إذ القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول واقرءوا كما علمتم كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                          وما أحسن قول إمام العربية وشيخ الإقراء بالمدرسة العادلية أبي عبد الله محمد بن مالك الذي قدم الشام من البلاد الأندلسية ، وصاحب الألفية في قصيدته الدالية التي نظمها في القراءات السبع العلية :


                                                          ووجهان في كنتم تمنون مع تفكـ     ـهون وأخفى عنه بعض مجـودا
                                                          ملاقي ساكن صحيح كهل تربـ     ـصون ومن يكسر يحد عن الاقتدا



                                                          وإذا ابتدئ بهن ابتدأ بهن مخففات لامتناع الابتداء بالساكن وموافقته الرسم والرواية .

                                                          والعجب أن الشيخ جمال الدين بن مالك مع ذكره ما حكيناه عنه وقوله ما تقدم في ألفيته قال في شرح الكافية : إنك إذا أدغمت يعني إحدى التاءين

                                                          [ ص: 234 ] الزائدتين ، أو المضارع اجتلبت همزة الوصل ، وتبعه على ذلك ابنه فلا نعلم أحدا تقدمه إلى ذلك ، قال شيخ العربية الإمام أبو محمد عبد الله بن هشام في آخر توضيحه : ولم يخلق الله تعالى همزة وصل في أول المضارع ، وإنما إدغام هذا النوع في الوصل دون الابتداء ، وبذلك قرأ البزي في الوصل ولا تيمموا ، ولا تبرجن ، و كنتم تمنون ، وإذا أردت التحقيق في الابتداء فحذفت إحدى التاءين ، وهي الثانية لا الأولى خلافا لهشام ، وذلك جائز في الوصل أيضا . انتهى .

                                                          ( قلت ) : وهذا هو الصواب ولكن عند أئمة القراءة في ذلك تفصيل فما كتب منه بتاء واحدة ابتدئ بتاء واحدة كما ذكر وما كتب بتاءين نحو : ثم تتفكروا أدغم وصلا وابتدئ بتاءين مخففتين اتباعا للرسم - والله أعلم - .

                                                          وروى ابن الفحام والطبري والحمامي والعراقيون عنهم قاطبة عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي تخفيف هذه التاء من هذه المواضع المذكورة ، وبذلك قرأه الباقون إلا أن أبا جعفر وافق على تشديد التاء من قوله ( لا تناصرون ) في الصافات ، وكذلك وافق رويس على تشديد ( نارا تلظى ) في الليل ، وانفرد أبو الحسن بن فارس في جامعه بتشديد هذه التاءات عن قنبل أيضا من جميع طرقه فخالف سائر الناس - والله أعلم - .

                                                          وقد روى الحافظ أبو عمرو الداني في كتابه جامع البيان فقال : وحدثني أبو الفرج محمد بن عبد الله النجاد المقري عن أبي الفتح أحمد بن عبد العزيز بن بدهن عن أبي بكر الزينبي عن أبي ربيعة عن البزي عن أصحابه عن ابن كثير أنه شدد التاء في قوله في آل عمران ولقد كنتم تمنون الموت ، وفي الواقعة فظلتم تفكهون قال الداني : وذلك قياس قول أبي ربيعة لأنه جعل التشديد في الباب مطردا ، ولم يحصره بعدد ، وكذلك فعل البزي في كتابه .

                                                          ( قلت ) : ولم أعلم أحدا ذكر هذين الحرفين سوى الداني من هذه الطريق .

                                                          وأما النجاد فهو من أئمة القراءة المبرزين الضابطين ولولا ذلك لما اعتمد الداني على نقله وانفراده بهما مع أن الداني لم يقرأ بهما على أحد من شيوخه ، ولم يقع لنا تشديدهما إلا من طريق الداني

                                                          [ ص: 235 ] ، ولا اتصلت تلاوتنا بهما إلا إليه ، وهو فلم يسندهما في كتاب التيسير ، بل قال فيه : وزادني أبو الفرج النجاد المقري عن قراءته على أبي الفتح بن بدهن عن أبي بكر الزينبي ، وقال في مفرداته : وزادني أبو الفرج النجاد المقري ; وهذا صريح في المشافهة .

                                                          ( قلت ) : وأما أبو الفتح بن بدهن فهو من الشهرة والإتقان بمحل ولولا ذلك لم يقبل انفراده عن الزينبي ، فقد روى عن الزينبي عن غير واحد من الأئمة كأبي نصر الشذائي وأبي الفرج الشنبوذي وعبد الواحد بن أبي هاشم وأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الولي وأبي بكر أحمد بن محمد بن بشر بن الشارب فلا نعلم أحدا منهم ذكر هذين الحرفين سوى ابن بدهن هذا ، بل كل من ذكر طريق الزينبي هذا عن أبي ربيعة كأبي طاهر بن سوار وأبي علي المالكي وأبي العز وأبي العلاء وأبي محمد سبط الخياط لم يذكرهما ، ولعلم الداني بانفراده بهما استشهد له بقياس النص ولولا إثباتهما في التيسير ، والشاطبية ، والتزامنا بذكر ما فيهما من الصحيح ودخولهما في ضابط نص البزي لما ذكرتهما لأن طريق الزينبي لم يكن في كتابنا .

                                                          وذكر الداني لهما في تيسيره اختيار ، والشاطبي تبع إذ لم يكونا من طرق كتابيه ما . وهذا موضع يتعين التنبيه عليه ، ولا يهتدي إليه إلا حذاق الأئمة الجامعين بين الرواية والدراية والكشف والإتقان والله تعالى الموفق .

                                                          ( واختلفوا ) في : ومن يؤت الحكمة فقرأ يعقوب بكسر التاء ، وهو على أصله في الوقف على الياء كما نص عليه غير واحد وأشرنا إليه في باب الوقف على المرسوم ، وذلك يقتضي أن تكون من عنده موصولة أي والذي يؤتيه الله الحكمة ; ولو كانت عنده شرطية لوقف بالحذف كما يقف على : ومن تق السيئات ونحوه .

                                                          وقرأ الباقون بفتح التاء ، ولا خلاف عنهم في الوقف على التاء .

                                                          ( واختلفوا ) في : نعما هنا والنساء فقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ، وخلف بفتح النون في الموضعين . وقرأ الباقون بكسرها ، وقرأ أبو جعفر بإسكان العين .

                                                          ( واختلف ) عن أبي عمرو وقالون وأبي بكر ، فروى عنهم المغاربة قاطبة إخفاء كسرة العين ليس إلا ، يريدون الاختلاس فرارا من الجمع بين الساكنين

                                                          [ ص: 236 ] ، وروى عنهم العراقيون والمشرقيون قاطبة الإسكان ، ولا يبالون من الجمع بين الساكنين لصحته رواية ووروده لغة ، وقد اختاره الإمام أبو عبيدة أحد أئمة اللغة وناهيك به ، وقال : هو لغة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروى " نعما المال الصالح للرجل الصالح " ، وحكى النحويون الكوفيون سماعا من العرب شهر رمضان مدغما . وحكى ذلك سيبويه في الشعر ، وروى الوجهين جميعا عنه الحافظ أبو عمرو الداني ، ثم قال : والإسكان آثر والإخفاء أقيس .

                                                          ( قلت ) : والوجهان صحيحان غير أن النص عنهم بالإسكان ، ولا يعرف الاختلاس إلا من طرق المغاربة ، ومن تبعهم كالمهدوي وابن شريح وابن غلبون والشاطبي مع أن الإسكان في التيسير ، ولم يذكره الشاطبي . ولما ذكر ابن شريح الإخفاء عنهم قال : وقرأت أيضا لقالون بالإسكان ، ولا أعلم أحدا فرق بين قالون ، وغيره سواه . وقرأ الباقون بكسر النون والعين ( واتفقوا ) على تشديد الميم .

                                                          ( واختلفوا ) في : و نكفر عنكم فقرأ ابن عامر وحفص بالياء ، وقرأ الباقون بالنون ، وقرأ المدنيان ، وحمزة والكسائي ، وخلف بجزم الراء ، وقرأ الباقون برفعها .

                                                          ( واختلفوا ) في : تحسبهم ، و يحسبن ، و يحسب كيف وقع مستقبلا . فقرأ أبو جعفر وابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين ، وقرأ الباقون بكسرها .

                                                          ( واختلفوا ) في : فأذنوا فقرأ حمزة وأبو بكر بقطع الهمزة ممدودة وكسر الذال ، وقرأ الباقون بفتحها ووصل الهمزة ، وتقدم ضم أبي جعفر سين عسرة .

                                                          ( واختلفوا ) في : ميسرة فقرأ نافع بضم السين ، وقرأ الباقون بفتحها .

                                                          ( واختلفوا ) في : وأن تصدقوا فقرأ عاصم بتخفيف الصاد ، وقرأ الباقون بتشديدها ، وتقدم قراءة البصريين ترجعون بفتح التاء وكسر الجيم ، أوائل السورة ، وتقدم إسكان الهاء من يمل هو وصلا لأبي جعفر ، وقالون بخلاف عنهما .

                                                          ( واختلفوا ) في : أن تضل فقرأ حمزة بكسر الهمزة ، وقرأ الباقون بفتحها .

                                                          ( واختلفوا ) في : فتذكر فقرأ حمزة أيضا برفع الراء ، والباقون بفتحها ، وقرأه ابن كثير ، والبصريان بالتخفيف ، وقرأ الباقون [ ص: 237 ] بالتشديد

                                                          . ( واختلفوا ) في : تجارة حاضرة فقرأه عاصم بالنصب فيهما ، وقرأ الباقون برفعهما ، وتقدم تخفيف راء يضار ، وإسكانها لأبي جعفر والخلاف عنه في ذلك .

                                                          ( واختلفوا ) في : فرهان فقرأ ابن كثير وأبو عمرو فرهن بضم الراء والهاء من غير ألف ، وقرأ الباقون بكسر الراء وفتح الهاء وألف بعدها ، وتقدم مذهب أبي جعفر وأبي عمرو وورش في إبدال همزة الذي أؤتمن من باب الهمز المفرد .

                                                          ( واختلفوا ) في : فيغفر ، ويعذب فقرأ ابن عامر وعاصم وأبو جعفر يعقوب برفع الراء والباء منهما ، والباقون بجزمها ، وتقدم مذهب الدوري في إدغام الراء في اللام بخلاف والسوسي ، بلا خلاف ، وتقدم اختلافهم في إدغام الباء في الميم من باب حروف قربت مخارجها .

                                                          ( واختلفوا ) في : وكتبه فقرأ حمزة والكسائي وخلف ، وكتابه على التوحيد ، وقرأ الباقون على الجمع .

                                                          ( واختلفوا ) في : لا نفرق فقرأ يعقوب بالياء ، وقرأ الباقون بالنون .

                                                          ( وفيها من ياءات الإضافة ) ثمان . تقدم الكلام عليها إجمالا في بابها إني أعلم الموضعان فتحهما المدنيان ، وابن كثير وأبو عمرو عهدي الظالمين أسكنها حمزة وحفص بيتي للطائفين فتحها المدنيان ، وهشام وحفص فاذكروني أذكركم فتحها ابن كثير وليؤمنوا بي فتحها ورش ، مني إلا فتحها المدنيان ، وأبو عمرو ربي الذي سكنها حمزة ( وفيها من ياءات الزوائد ) ست تقدم الكلام عليها إجمالا فارهبون ، فاتقون . تكفرون أثبتهن في الحالتين يعقوب الداع إذا أثبت الباء في الوصل أبو عمرو وورش وأبو جعفر ، واختلف عن قالون كما تقدم وأثبتها يعقوب في الحالين دعان أثبت الياء فيها وصلا أبو جعفر وأبو عمرو وورش ، واختلف عن قالون كما تقدم وأثبتها في الحالتين يعقوب واتقون ياأولي أثبت الياء وصلا أبو جعفر وأبو عمرو في الحالين يعقوب . والله الموفق .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية