الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2267 - مسألة : ذكر ما السرقة وحكم الحرز أيراعى أم لا ؟ قال أبو محمد رحمه الله : قالت طائفة : لا قطع إلا فيما أخرج من حرزه ، وأما إن أخذه من غير حرزه ومضى به ، فلا قطع عليه .

                                                                                                                                                                                          وكذلك لو أخذ - وقد أخذه - من حرز فأدرك قبل أن يخرجه من الحرز ويمضي به ، فلا قطع عليه . كما نا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا ابن جريج عن سليمان بن موسى ، وعمرو بن شعيب ، قال سليمان : إن عثمان ، وقال عمرو بن شعيب : إن ابن عمر ، ثم اتفقا : لا قطع على سارق حتى يخرج المتاع .

                                                                                                                                                                                          حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج عن سليمان بن موسى أن عثمان قضى أنه لا قطع على سارق - وإن كان قد جمع المتاع فأراد أن يسرق - حتى يحمله ويخرج به . وبه - إلى ابن جريج عن عمرو بن شعيب أن سارقا نقب خزانة المطلب بن وداعة والطعن فيها قد جمع المتاع ولم يخرج به ، فأتي به إلى ابن الزبير فجلده وأمر به أن يقطع ، فمر بابن عمر فسأل فأخبر فأتى ابن الزبير فقال : أمرت به أن يقطع ؟ [ ص: 301 ] فقال : نعم ، قال : فما شأن الجلد ؟ قال : غضبت ، فقال ابن عمر : ليس عليه قطع حتى يخرج به من البيت ، أرأيت لو رأيت رجلا بين رجلي امرأة لم يصبها أكنت حاده ؟ قال : لا ، قال : لعله قد كان نازعا تائبا وتاركا للمتاع . حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن أحمد بن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن سليمان عن مكحول عن عثمان بن عفان قال : لا تقطع يد السارق - وإن وجد معه المتاع - ما لم يخرج به عن الدار .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى ابن وهب سمعت الشمر بن نمير يحدث عن الحسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال في الرجل يوجد في البيت - وقد نقبه - معه المتاع : أنه لا يقطع حتى يحمل المتاع فيخرج به عن الدار .

                                                                                                                                                                                          حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا زكريا عن الشعبي قال : ليس على السارق قطع حتى يخرج المتاع .

                                                                                                                                                                                          وعن عطاء - سأله ابن جريج السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع ولم يخرج به ؟ قال : لا قطع عليه حتى يخرج به .

                                                                                                                                                                                          وعن ربيعة - أنه قال : من أخذ في دار قوم معه سرقة قد خرج عن مفاتيح البيت الذي أخذ السرقة منه فعليه القطع ، ومن لم يوجد معه شيء فلا قطع عليه وإن كان يريد السرقة .

                                                                                                                                                                                          وعن عدي بن أرطاة أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز في رجل نقب بيت قوم حتى دخل البيت فجمع متاعهم فأخذوه في البيت قد جمع المتاع ، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز : إنه لم ينقب البيت ويجمع المتاع لخير ، فعاقبه عقوبة شديدة ثم احبسه ولا تدع أن تذكرنيه . وعن ابن شهاب - أنه قال : إنما السرقة فيما أحصن ، فما كان محصنا في دار ، أو حرز ، أو حائط ، أو مربوط ، فاحتل رباطه فذهب به ، فتلك من السرقة التي يقطع فيها ، قال : فمن سرق طيرا من حرز له معلق ، فعليه ما على السارق ؟ [ ص: 302 ] قال أبو محمد رحمه الله : وبهذا يقول سفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأصحابهم ، وإسحاق بن راهويه .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : عليه القطع سواء من حرز سرق أو من غير حرز .

                                                                                                                                                                                          كما نا أحمد بن أنس العذري نا عبد الله بن الحسين بن عقال - هو الزبيري - نا إبراهيم بن محمد الدينوري نا محمد بن أحمد بن الجهم نا موسى بن إسحاق نا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو خالد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال : بلغ عائشة أم المؤمنين أنهم يقولون : إذا لم يخرج السارق المتاع لم يقطع ؟ فقالت عائشة : لو لم أجد إلا سكينا لقطعته . اختلاس وبه - إلى ابن الجهم نا محمد بن رمح نا يزيد بن هارون نا سليم بن حيان نا سعيد بن مسلم قال : كان عبد الله بن الزبير يلي صدقة الزبير ، فكانت في بيت لا يدخله أحد غيره وغير جارية له ، ففقد شيئا من المال ؟ فقال للجارية : ما كان يدخل هذا المكان غيري وغيرك فمن أخذ هذا المال ؟ فأقرت الجارية ، فقال لي : يا سعيد انطلق بها فاقطع يدها ، فإن المال لو كان لم يكن عليها ، قطع .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية