الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون

                                                                                                                                                                                                [ ص: 363 ] الأنعام: الإبل خاصة. فإن قلت: لم قال: لتركبوا منها ولتبلغوا عليها، ولم يقل: لتأكلوا منها، ولتصلوا إلى منافع؟ أو هلا قال: منها تركبون ومنها تأكلون وتبلغون عليها حاجة في صدوركم؟ قلت في الركوب: الركوب في الحج والغزو، وفى بلوغ الحاجة: الهجرة من بلد إلى بلد لإقامة دين أو طلب علم، وهذه أغراض دينية إما واجبة أو مندوب إليها مما يتعلق به إرادة الحكيم. وأما الأكل وإصابة المنافع: فمن جنس المباح الذي لا يتعلق به إرادته، ومعنى قوله: وعليها وعلى الفلك تحملون وعلى الأنعام وحدها لا تحملون، ولكن عليها وعلى الفلك في البر والبحر. فإن قلت: هلا قيل: وفى الفلك، كما قال: قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ؟ [هود: 40] قلت: معنى الإيعاء ومعنى الاستعلاء: كلاهما مستقيم; لأن الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها، فلما صح المعنيان صحت العبارتان. وأيضا فليطابق قوله: "وعليها" ويزاوجه ويريكم آياته فأي جاءت على اللغة المستفيضة. وقولك: فأية آيات الله قليل; لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة غريب. وهي في "أي" أغرب لإبهامه.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية