الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة ) بفتح فكسر ( عن عبيد الله بن المغيرة ) بضم فكسر ( عن عبد الله بن الحارث بن جزء ) بفتح جيم فسكون زاي فهمز ( قال : ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : تبسمه أكثر من ضحكه بخلاف سائر الناس ; فإن ضحكهم أكثر من تبسمهم ; فلا ينافي ما قيل من أنه متواصل الأحزان كذا حققه الفاضل مولانا عبد الغفور ، وتبعه الشراح ، وتعقبه الحنفي بقوله ، وفيه بحث ; لأن المعنى الذي ذكره لا يستفاد من هذا الحديث ; لأن كلمة ( من ) صلة ( أكثر تبسما ) ، ومعناه بمقتضى العرف أنه - صلى الله عليه وسلم - أكثر تبسما من غيره قلت لا شك أن هذا المعنى غير صحيح في حقه - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان قليل التبسم أحيانا على ما ورد فلا بد من تأويل ، فالمعنى الذي ذكره متعين لتصحيح الكلام في هذا المقام . غايته أنه متفرع على أن ضحك سائر الناس من تبسمهم ، وهو كذلك على ما هو الغالب المشاهد في عامتهم على الخصوص ، وفي جميعهم [ ص: 20 ] في الجملة لا في كل فرد منهم ; فاندفع قول المعترض على أن القول بأن سائر الناس ضحكهم أكثر من تبسمهم ليس بظاهر بل هو دعوى بيان ، ومع ذلك لا يتبين اندفاع التدافع به ، انتهى .

قال شارح يمكن التوفيق بوجه آخر ، وهو أنه متواصل الأحزان باطنا بسبب أمور الآخرة ، وكان أكثر تبسما ظاهرا مع الناس تآلفا بهم وحاصله أن تواصل الأحزان لا ينافي كثرة تبسمه لأن الحزن من الكيفيات النفسانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية