الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          . ( وإن ادعاه ) أي : اللقيط ( اثنان ) رجلان كل منهما يقول : إنه ولده ( فأكثر معا ) فإن ادعاه أحدهما بعد الآخر لحق بالأول إلا أن تلحقه القافة بالثاني فيلحق به وينقطع نسبه من الأول ( قدم ) به ( من له بينة ) لأنها علامة واضحة على إظهار الحق ، ( فإن تساووا ) أي : المدعون ( فيها ) أي : البينة بأن أقام كل منهم بينة أنه ولده ولم يكن أحدهما خارجا وإلا قدمت بينته على بينة الداخل ( أو ) تساووا ( في عدمها ) بأن لم يكن لواحد منهم بينة بدعواه ، ( عرض ) اللقيط ( مع ) كل ( مدع ) موجود ( أو ) مع ( أقاربه ) أي : المدعي كأبيه وجده وأخيه وابنه وابن ابنه ( إن ) كان ( مات : على القافة ) وهم قوم يعرفون الأنساب بالشبه ولا يختص ذلك بقبيلة معينة ، بل من عرفت منه معرفة ذلك ، وتكررت منه الإصابة فهو قائف ، ( فإن ألحقته ) القافة ( بواحد ) لحق به لقضاء عمر رضي الله عنه ولم ينكر . فكان إجماعا .

                                                                          ويدل عليه حديث عائشة " لما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا " وحديث الملاعنة ( أو ) ألحقته القافة ( باثنين ) من المدعيين له ( حق ) نسبه بهما . لما روي عن سعيد عن عمر " في امرأة وطئها رجلان في طهر ، فقال القائف : قد اشتركا فيه جميعا فجعله بينهما " وبإسناده عن الشعبي قال " وعلي يقول : هو ابنهما وهما أبواه يرثهما ويرثانه " رواه الزبير بن بكار عن عمر ( فيرث ) اللقيط ( كلا منهما ) أي الاثنين الملحق بهما ( إرث ولد ) فإن لم يخلفا غيره ورث جميع مالهما ( ويرثانه ) جميعا ( إرث أب ) واحد ( وإن وصى له قبلا ) الوصية له لأنهما بمنزلة أب واحد ، وكذا لو وهب له أو اشتريا له ونحوه أو زوجاه ( وإن خلف ) ملحق باثنين ( أحدهما فله ) أي : المخلف منهما ( إرث أب كامل ونسبه ) مع ذلك ( ثابت من الميت ) لا يزيله شيء ، كما أن الجدة إذا انفردت أخذت ما تأخذه الجدات . والزوجة وحدها تأخذ ما تأخذه الزوجات ( ولأمي أبويه ) إذا مات وخلفهما ( مع أم أم ) وعاصب ( نصف سدس ) لأنهما بمنزلة جدة لأب ( ولها ) أي : أم أمه [ ص: 395 ] ( نصفه ) أي : السدس كما لو كانت مع أم أب واحد ( وكذا لو ألحقته ) القافة ( بأكثر ) من اثنين فيلحق بهم ، وإن كثروا ، ; لأن المعنى الذي لأجله ألحق بالاثنين موجود فيما زاد عليه فيقاس عليه . وإذا جاز أن يخلق من اثنين جاز أن يخلق من أكثر ( ، وإن لم يوجد قافة ) وقد ادعاه الاثنان فأكثر ضاع نسبه . فإن وجدت ولو بعيدة ذهبوا إليها ( أو نفته ) القافة عمن ادعياه أو ادعوه ( أو أشكل أمره ) على القافة فلم يظهر لهم فيه شيء ( اختلف ) فيه ( قائفان ) فألحقه أحدهما بواحد والآخر بآخر ( أو ) اختلف قائفان ( اثنان وثلاثة ) من القافة ، بأن قال اثنان منهم : هو ابن زيد ، وثلاثة : هو ابن عمرو ( ضاع نسبه ) ; لتعارض الدليل ولأمر مرجح لبعض من يدعيه . أشبه من لم يدع نسبه . ولا يرجح أحدهم بذكر علامة في جسده . وإن ادعى نسب اللقيط رجل وامرأة ألحق بهما جميعا لعدم التنافي . ; لأنه يمكن كونه منهما بنكاح بينهما أو وطء شبهة ( ويؤخذ ب ) قول قائفين ( اثنين خالفهما ) قائف ( ثالث ) نصا ( كبيطارين ) خالفهما بيطار في عيب ، ( و ) ك ( طبيبين ) خالفهما طبيب ( في عيب ) قال في المنتخب : ويثبت النسب ( ولو رجع عن دعواه ) النسب ( من ألحقته به القافة لم يقبل ) منه الرجوع ; لأنه حق عليه ( ومع عدم إلحاقها ) أي : القافة ( بواحد من اثنين ) مدعيين لنسبه ( فرجع أحدهما ) عن دعواه ( يلحق بالآخر ) لزوال المعارضة ولا يضيع نسبه ( ويكفي قائف واحد ) في إلحاق النسب ( وهو كحاكم فيكفي مجرد خبره ) ; لأنه ينفذ ما يقول ، بخلاف الشاهد . فإن ألحقه بواحد ثم ألحقه بآخر كان لاحقا بالأول فقط ; لأن إلحاقه جرى مجرى حكم الحاكم فلا ينقضي بمخالفة غيره له ، وكذا لو ألحقه بواحد ثم عاد فألحقه بآخر . وإن أقام الآخر بينة أنه ولده حكم له به وسقط قول القائف ; لأنه بدل فيسقط بوجود الأصل كالتيمم مع الماء ( وشرط كونه ) أي : القائف ( ذكرا ) ; لأن القافة حكم مستندها النظر والاستدلال . فاعتبرت فيه الذكورة كالقضاء ( عدلا ) ; لأن الفاسق لا يقبل خبره وعلم منه اشتراط إسلامه بالأولى ( حرا ) ; لأنه كحاكم ( مجربا في الإصابة ) ; لأنه أمر علمي فلا بد من العلم بعلمه له وطريقة التجربة فيه . ويكفي أن يكون مشهورا بالإصابة وصحة المعرفة في مرات كثيرة

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية