الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ومن يعش الآيات . أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي أن قريشا قالت : قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد رجلا يأخذه . فقيضوا لأبي بكر طلحة بن عبيد الله فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر : إلام تدعوني؟ قال : أدعوك إلى عبادة اللات والعزى قال أبو بكر : وما اللات؟ قال : ربنا، قال : وما العزى؟ قال : بنات الله، قال أبو بكر : فمن أمهم؟ فسكت طلحة فلم يجبه، فقال طلحة لأصحابه : أجيبوا الرجل . فسكت القوم، فقال طلحة : قم يا أبا بكر، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فأنزل الله : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ومن يعش عن ذكر الرحمن قال : يعمى قال ابن جرير : هذا على قراءة فتح [ ص: 207 ] الشين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة : ومن يعش قال : يعرض وإنهم ليصدونهم عن السبيل قال : عن الدين، (حتى إذا جاءانا) جميعا هو وقرينه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (حتى إذا جاءانا) على معنى اثنين؛ هو وقرينه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ومن يعش الآية، قال : من جانب الحق وأنكره وهو يعلم أن الحلال حلال وأن الحرام حرام فترك العلم بالحلال والحق لهوى نفسه وقضى حاجته ثم أراد من الحرام قيض له شيطان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير، وابن المنذر ، عن سعيد الجريري في قوله : نقيض له شيطانا قال : بلغنا أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره سفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار، فذلك حين يقول : [ ص: 208 ] يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين قال : وأما المؤمن فيوكل به ملك حتى يقضى بين الناس أو يصير إلى الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن حبان والبغوي، وابن قانع والطبراني ، وابن مردويه، عن شريك بن طارق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس منكم أحد إلا ومعه شيطان . قالوا : ومعك يا رسول الله؟ قال : ومعي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم، وابن مردويه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا قالت : فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع، فقال ما لك يا عائشة أغرت؟ فقلت : وما لي لا يغار مثلي على مثلك . فقال : أقد جاءك شيطانك؟ قلت : يا رسول الله أمعي شيطان؟ قال : نعم ومع كل إنسان . قلت : ومعك؟ قال : نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم، وابن مردويه، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن . قالوا : وإياك يا رسول الله؟ قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا [ ص: 209 ] بخير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن . قالوا : وإياك يا رسول الله؟ قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، في "الزهد" عن وهب بن منبه قال : ليس من الآدميين أحد إلا ومعه شيطان موكل به، أما الكافر فيأكل معه من طعامه ويشرب معه من شرابه وينام معه على فراشه وأما المؤمن فهو مجانب له ينتظره متى يصيب منه غفلة أو غرة فيثب عليه وأحب الآدميين إلى الشيطان الأكول النئوم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية