الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3004 ) الفصل الخامس ; أنه إذا اختار المشتري إمساك المعيب ، وأخذ الأرش ، فله ذلك . وهذا قول إسحاق . وقال أبو حنيفة ، والشافعي : ليس له إلا الإمساك ، أو الرد ، وليس له أرش ، إلا أن يتعذر رد المبيع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لمشتري المصراة الخيار بين الإمساك من غير أرش ، أو الرد . ولأنه يملك الرد ، فلم يملك أخذ جزء من الثمن ، كالذي له الخيار .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه ظهر على عيب لم يعلم به ، فكان له الأرش ، كما لو تعيب عنده . ولأنه فات عليه جزء من المبيع ، فكانت له المطالبة بعوضه ، كما لو اشترى عشرة أقفزة ، فبانت تسعة ، أو كما لو أتلفه بعد البيع ; فأما المصراة فليس فيها عيب ، وإنما ملك الخيار بالتدليس ، لا لفوات جزء ، ولذلك لا يستحق أرشا إذا امتنع الرد عليه . إذا ثبت هذا ، فمعنى أرش العيب أن يقوم المبيع صحيحا ، ثم يقوم معيبا ، فيؤخذ قسط ما بينهما من الثمن ، فنسبته إلى الثمن نسبة النقصان بالعيب من القيمة ، مثاله أن يقوم المعيب صحيحا بعشرة ، ومعيبا بتسعة ، والثمن خمسة عشر ، فقد نقصه العيب عشر قيمته ، فيرجع على البائع بعشر الثمن ، وهو درهم ونصف . وعلة ذلك أن المبيع المضمون على المشتري بثمنه ، ففوات جزء منه يسقط عنه ضمان ما قابله من الثمن أيضا .

                                                                                                                                            ولأننا لو ضمناه نقص القيمة ، أفضى إلى اجتماع الثمن والمثمن للمشتري ، فيما إذا اشترى شيئا بنصف قيمته ، فوجد به عيبا ينقصه نصف قيمته ، [ ص: 111 ] مثل أن يشتريه بعشرة وقيمته عشرون ، فوجد به عيبا ينقصه عشرة ، فأخذها ، حصل له المبيع ، ورجع بثمنه . وهذا معنى قول الخرقي : " أو يأخذ ما بين الصحة والعيب " . وقد نص أحمد على ما ذكرناه . وذكره الحسن البصري ، فقال : يرجع بقيمة العيب في الثمن يوم اشتراه . قال أحمد : هذا أحسن ما سمعت .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية