الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التنبيه الحادي عشر

                                                                                                                                                                                                                                      اعلم يا أخي أن هذا الإعراض عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، واعتقاد الاستغناء عنهما بالمذاهب المدونة الذي عم جل من في المعمورة من المسلمين من أعظم المآسي والمصائب ، والدواهي التي دهت المسلمين من مدة قرون عديدة .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا شك أن النتائج الوخيمة الناشئة عن الإعراض عن الكتاب والسنة من جملتها ما عليه المسلمون في واقعهم الآن من تحكيم القوانين الوضعية المنافي لأصل الإسلام ; لأن الكفار إنما احتاجوهم بفصلهم عن دينهم بالغزو الفكري عن طرق الثقافة وإدخال الشبه والشكوك في دين الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      ولو كان المسلمون يتعلمون كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويعملون بما فيهما لكان ذلك حصنا منيعا لهم من تأثير الغزو الفكري في عقائدهم ودينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ولكن لما تركوا الوحي ونبذوه وراء ظهورهم واستبدلوا به أقوال الرجال لم تقم لهم أقوال الرجال ومذاهب الأئمة رحمهم الله مقام كلام الله والاعتصام بالقرآن ، وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - والتحصن بسنته .

                                                                                                                                                                                                                                      ولذلك وجد الغزو الفكري طريقا إلى قلوب الناشئة من المسلمين ، ولو كان سلاحهم المضاد القرآن والسنة لم يجد إليهم سبيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا شك أن كل منصف يعلم أن كلام الناس ، ولو بلغوا ما بلغوا من العلم والفضل - لا يمكن أن يقوم مقام كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وبالجملة فمما لا شك فيه أن هذا الغزو الفكري الذي قضى على كيان المسلمين ، ووحدتهم وفصلهم عن دينهم ، لو صادفهم وهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله لرجع مدحورا في غاية الفشل لوضوح أدلة الكتاب والسنة ، وكون الغزو الفكري المذكور لم يستند إلا على الباطل والتمويه كما هو معلوم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية