الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3016 ) الفصل الثاني ، أنه إذا باع المعيب ، ثم أراد أخذ أرشه . فظاهر كلام الخرقي ، أنه لا أرش له سواء باعه عالما بعيبه ، أو غير عالم . وهذا مذهب أبي حنيفة ، والشافعي ; لأن امتناع الرد كان بفعله ، فأشبه ما لو أتلف المبيع ، ولأنه قد استدرك ظلامته ببيعه ، فلم يكن له أرش ، كما لو زال العيب .

                                                                                                                                            وقال القاضي : إن باعه مع علمه بالعيب ، فلا أرش له ; لرضاه به معيبا ، وإن باعه غير عالم بالعيب ، فله الأرش . نص عليه أحمد ; لأن البائع لم يوفه ما أوجبه له العقد ، ولم يوجد منه الرضا به ناقصا ، فكان له الرجوع عليه ، كما لو أعتقه . وقياس المذهب ، أن له الأرش بكل حال ، سواء باعه عالما بعيبه أو جاهلا به ; لأننا خيرناه ابتداء بين رده ، وإمساكه وأخذ الأرش ، فبيعه والتصرف فيه بمنزلة إمساكه ، ولأن الأرش عوض الجزء الفائت من المبيع ، فلم يسقط ببيعه ، ولا رضاه ، كما لو باعه عشرة أقفزة ، وسلم إليه تسعة ، فباعها المشتري . وقولهم : إنه استدرك ظلامته . لا يصح ، فإن ظلامته من البائع ، ولم يستدركها منه ، وإنما ظلم المشتري ، فلم يسقط حقه بذلك من الظالم له ، وهذا هو الصحيح من قول مالك ، وذكر أبو الخطاب عن أحمد ، في رجوع بائع المعيب بالأرش ، روايتين ، من غير تفريق بين علم البائع بالعيب وجهله به .

                                                                                                                                            وعلى قول من قال لا يستحق الأرش ، فإذا علم به المشتري الثاني فرده به ، أو أخذ أرشه منه ، فللأول أخذ أرشه . وهو قول الشافعي إذا امتنع على المشتري الثاني رده بعيب حدث عنده ; لأنه لم يستدرك ظلامته ، وكل واحد من المشتريين يرجع بحصة العيب من الثمن الذي اشتراه به ، على ما ذكرناه فيما تقدم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية