الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب النهي عن البيع في المسجد

                                                                                                          1321 حدثنا الحسن بن علي الخلال حدثنا عارم حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرنا يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا رد الله عليك قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن غريب والعمل على هذا عند بعض أهل العلم كرهوا البيع والشراء في المسجد وهو قول أحمد وإسحق وقد رخص فيه بعض أهل العلم في البيع والشراء في المسجد [ ص: 458 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 458 ] قوله : ( إذا رأيتم من يبيع ، أو يبتاع ) أي : يشتري قال القاري : حذف المفعول يدل على العموم فيشمل ثوب الكعبة والمصاحف والكتب والسبح ( فقولوا ) أي : لكل منهما باللسان جهرا ، أو بالقلب سرا ، قاله القاري . قلت : الظاهر أن يكون القول باللسان جهرا ، ويدل عليه حديث بريدة الآتي ( لا أربح الله تجارتك ) دعاء عليه أي : لا جعل الله تجارتك ذات ربح ونفع ، ولو قال لهما معا لا أربح الله تجارتكما جاز لحصول المقصود ( وإذا رأيتم من ينشد ) بوزن يطلب ومعناه أي : يطلب برفع الصوت ( فيه ) أي : في المسجد ( ضالة ) قال في النهاية : الضالة هي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان ، وغيره ، يقال : ضل الشيء إذا ضاع ، وضل عن الطريق إذا حار ، وهي في الأصل فاعلة ، ثم اتسع فيها فصارت من الصفات الغالبة ، وتقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع ، وتجمع على ضوال . انتهى . ( فقولوا لا ردها الله عليك ) وروى مسلم عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك ؛ لأن المساجد لم تبن لهذا وعن بريدة أن رجلا نشد في المسجد فقال : من دعا إلى الجمل الأحمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له قال النووي : في هذين الحديثين فوائد منها : النهي عن نشد الضالة في المسجد ، ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود وكراهة رفع الصوت فيه ، قال القاضي : قال مالك وجماعة من العلماء : يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم ، وغيره ، وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس ؛ لأنه مجمعهم ، ولا يد لهم منه . انتهى . قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن غريب ) وأخرجه الدارمي ، وأحمد ، والنسائي في اليوم والليلة ، وابن خزيمة والحاكم ، وقال صحيح على شرط [ ص: 459 ] مسلم . ذكره ميرك ، وقد عرفت أن مسلما قد أخرج الشطر الثاني من هذا الحديث . قوله : ( والعمل على هذا عند بعض أهل العلم كرهوا البيع والشراء في المسجد ) وهو الحق لأحاديث الباب ( وقد رخص بعض أهل العلم في البيع والشراء في المسجد ) لم أقف على دليل يدل على الرخصة ، وأحاديث الباب حجة على من رخص .




                                                                                                          الخدمات العلمية