الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث .

في هذه السنة ، في ربيع الأول ، ظهر بالعراق وخوزستان وكثير من البلاد جماعة من الأكراد ، خرجوا يتصيدون ، فرأوا في البرية خيما سودا ، وسمعوا منها لطما شديدا وعويلا كثيرا ، وقائلا يقول : قد مات سيدوك ملك الجن ، وأي بلد لم يلطم أهله عليه ويعملوا له العزاء قلع أصله ، وأهلك أهله ، فخرج كثير من النساء إلى المقابر يلطمن ، وينحن ، وينشرن شعورهن ، وخرج رجال من سفلة الناس يفعلون ذلك ، وكان ذلك ضحكة عظيمة .

[ ص: 198 ] ولقد جرى في أيامنا نحن في الموصل ، وما والاها من البلاد إلى العراق ، وغيرها ، نحو هذا ، وذلك أن الناس سنة ستمائة أصابهم وجع كثير في حلوقهم ، مات منه كثير من الناس ، فظهر أن امرأة من الجن يقال لها أم عنقود ، مات ابنها عنقود ، وكل من لا يعمل له مأتما أصابه هذا المرض ، فكثر فعل ذلك ، وكانوا يقولون : يا أم عنقود اعذرينا قد مات عنقود ما درينا وكان النساء يلطمن ، وكذلك الأوباش .

وفيها ولي أبو الغنائم المعمر بن محمد بن عبيد الله العلوي نقابة العلويين ببغداذ ، وإمارة الموسم ، ولقب بالطاهر ذي المناقب ، وكان المرتضى أبو الفتح أسامة قد استعفى من النقابة ، وصاهر بني خفاجة ، وانتقل معهم إلى البرية ، وتوفي أسامة بمشهد أمير المؤمنين علي ، عليه السلام ، في رجب سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة .

[ الوفيات ]

وفيها في جمادى الآخرة توفي أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي النحوي المتكلم ، وكان له اختيار في الفقه ، وكان عالما بالنسب ، ويمشي في الأسواق مكشوف الرأس ، ولم يقبل من أحد شيئا ، وكان موته في جمادى الآخرة . [ ص: 199 ] وقد جاوز ثمانين سنة ، وكان يميل إلى مذهب مرجئة المعتزلة ، ويعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار .

وفيها انقض كوكب عظيم ، وكثر نوره فصار أكثر نوره من نور القمر . وسمع له دوي عظيم ، ثم غاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية