الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب .

قوله تعالى : إنا لننصر رسلنا ويجوز حذف الضمة لثقلها فيقال : " رسلنا " والمراد موسى عليه السلام . والذين آمنوا في الحياة الدنيا في موضع نصب عطف على الرسل ، والمراد المؤمن الذي وعظ . وقيل : هو عام في الرسل والمؤمنين ، ونصرهم بإعلاء الحجج وإفلاحها في قول أبي العالية . وقيل : بالانتقام من أعدائهم . قال السدي : ما قتل قوم قط نبيا أو قوما من دعاة الحق من المؤمنين إلا بعث الله - عز وجل - من ينتقم لهم ، فصاروا منصورين فيها وإن قتلوا .

قوله تعالى : ويوم يقوم الأشهاد يعني يوم القيامة . قال زيد بن أسلم : الأشهاد أربعة : الملائكة والنبيون والمؤمنون والأجساد . وقال مجاهد والسدي : الأشهاد الملائكة تشهد للأنبياء بالإبلاغ وعلى الأمم بالتكذيب . وقال قتادة : الملائكة والأنبياء . ثم قيل : الأشهاد جمع شهيد مثل شريف وأشراف . وقال الزجاج : الأشهاد جمع شاهد مثل [ ص: 289 ] صاحب وأصحاب . النحاس : ليس باب فاعل أن يجمع على أفعال ولا يقاس عليه ، ولكن ما جاء منه مسموعا أدي كما سمع ، وكان على حذف الزائد . وأجاز الأخفش والفراء : " ويوم تقوم الأشهاد " بالتاء على تأنيث الجماعة . وفي الحديث عن أبي الدرداء وبعض المحدثين يقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من رد عن عرض أخيه المسلم كان حقا على الله - عز وجل - أن يرد عنه نار جهنم ثم تلا : إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا . وعنه - عليه السلام - أنه قال : من حمى مؤمنا من منافق يغتابه بعث الله - عز وجل - يوم القيامة ملكا يحميه من النار ، ومن ذكر مسلما بشيء يشينه به وقفه الله - عز وجل - على جسر من جهنم حتى يخرج مما قال .

" يوم " بدل من " يوم " الأول . لا ينفع الظالمين معذرتهم قرأ نافع والكوفيون ينفع بالياء . الباقون بالتاء .

ولهم اللعنة ولهم سوء الدار اللعنة البعد من رحمة الله و سوء الدار جهنم .

قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الهدى هذا دخل في نصرة الرسل في الدنيا والآخرة أي : آتيناه التوراة والنبوة . وسميت التوراة هدى بما فيها من الهدى والنور ، وفي التنزيل : إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور .

وأورثنا بني إسرائيل الكتاب يعني التوراة جعلناها لهم ميراثا . هدى بدل من الكتاب ويجوز بمعنى هو هدى ، يعني ذلك الكتاب . وذكرى لأولي الألباب أي موعظة لأصحاب العقول .

التالي السابق


الخدمات العلمية