الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3038 ) فصل : وإذا اشترى عبدا ، واشترط ماله ، ثم رد العبد بعيب أو خيار أو إقالة ، رد ماله معه . [ ص: 126 ] وقال داود : يرد العبد دون ماله ; لأن ماله لم يدخل في البيع ، فأشبه النماء الحادث عنده . ولنا أنه عين مال أخذها المشتري ، لا تحصل بدون البيع ، فيردها بالفسخ ، كالعبد ، ولأن العبد إذا كان ذا مال كانت قيمته أكثر ، فأخذ ماله ينقص قيمته ، فلم يملك رده حتى يدفع ما يزيل نقصه . فإن تلف ماله ، ثم أراد رده ، فهو بمنزلة العيب الحادث عند المشتري ، هل يمنع الرد ؟ على روايتين ، فإن قلنا : يرده . فعليه قيمة ما أتلف .

                                                                                                                                            قال أحمد : في رجل اشترى أمة معها قناع ، فاشترطه ، وظهر على عيب ، وقد تلف القناع : غرم قيمته بحصته من الثمن . ( 3039 ) فصل : وما كان على العبد أو الجارية من الحلي ، فهو بمنزلة ماله ، على ما ذكرنا . فأما الثياب فقال أحمد : ما كان يلبسه عند البائع ، فهو للمشتري ، وإن كانت ثيابا يلبسها فوق ثيابه ، أو شيئا يزينه به ، فهو للبائع ، إلا أن يشترطه المبتاع . يعني أن الثياب التي يلبسها عادة للخدمة والبذلة ، تدخل في البيع ، دون الثياب التي يتجمل بها ; لأن ثياب البذلة جرت العادة ببيعها معه ، ولأنها تتعلق بها مصلحته وحاجته ، إذ لا غناء له عنها ، فجرت مجرى مفاتيح الدار ، بخلاف ثياب الجمال ، فإنها زيادة على العادة ، ولا تتعلق بها حاجة العبد ، وإنما يلبسها إياه لينفقه بها ، وهذه حاجة السيد ، لا حاجة العبد ، ولم تجر العادة بالمسامحة فيها ، فجرت مجرى الستور في الدار والدابة التي يركبه عليها ، مع دخولها في الخبر ، وبقائها على الأصل . وقال ابن عمر : من باع وليدة ، زينها بثياب ، فللذي اشتراها ما عليها ، إلا أن يشترطه الذي باعها .

                                                                                                                                            وبه قال الحسن ، والنخعي ولنا ، الخبر الذي رواه ابن عمر . ولأن الثياب لم يتناولها لفظ البيع ، ولا جرت العادة ببيعها معه ، أشبه سائر مال البائع . ولأنه زينة للمبيع ، فأشبه ما لو زين الدار ببساط أو ستر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية