الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3040 ) فصل : ولا يملك العبد شيئا ، إذا لم يملكه سيده . في قول عامة أهل العلم . وقال أهل الظاهر : يملك ; لدخوله في عموم قوله تعالى : { خلق لكم ما في الأرض جميعا } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم { : من باع عبدا وله مال } . فأضاف المال إليه فاللام التمليك .

                                                                                                                                            ولنا ، قوله تعالى { : ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } . ولأن سيده يملك عينه ومنافعه ، فما حصل بذلك يجب أن يكون لسيده ، كبهيمته . فأما إن ملكه سيده شيئا ، ففيه روايتان ; إحداهما ، لا يملكه . وهو ظاهر قول الخرقي ; فإنه قال : والسيد يزكي عما في يد عبده ; لأنه مالكه . وقال : والعبد لا يرث ، ولا مال له فيورث عنه . وهو اختيار أبي بكر ، وقول أبي حنيفة ، والثوري ، وإسحاق ، والشافعي في الجديد ; لأنه مملوك ، فلم يملك ، كالبهيمة .

                                                                                                                                            والثاني ، يملك . وهي أصح عندي . وهو قول مالك ، والشافعي في القديم ; للآية والخبر ، ولأنه آدمي حي ، فملك كالحر ، ولأنه يملك في النكاح ، فملك في المال كالحر ، ولأنه يصح الإقرار له ، فأشبه الحر ، وما ذكروه تعليل بالمانع ، ولا يثبت اعتباره إلا أن يوجد المقتضي في الأصل ، ولم يوجد في البهيمة ما يقتضي ثبوت الملك لها ، وإنما انتفى ملكها لعدم المقتضي له ، لا لكونها مملوكة ، وكونها مملوكة عديم الأثر ، فإن سائر البهائم التي ليست مملوكة من الصيود والوحوش ، لا تملك ، وكذلك الجمادات ، وإذا بطل كون ما ذكروه مانعا ، وقد تحقق المقتضي ، لزم ثبوت حكمه . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية