الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عرا ) ( هـ ) فيه : أنه رخص في العرية والعرايا . قد تكرر ذكرها في الحديث واختلف في تفسيرها ، فقيل : إنه لما نهى عن المزابنة وهو بيع الثمر في رءوس النخل بالتمر رخص في جملة المزابنة في العرايا ، وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله ، ولا نخل له يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته تمر ، فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له : بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر ، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس ، فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق .

                                                          [ ص: 225 ] والعرية : فعيلة بمعنى مفعولة ، من عراه يعروه إذا قصده .

                                                          ويحتمل أن تكون فعيلة بمعنى فاعلة ، من عري يعرى إذا خلع ثوبه ، كأنها عربت من جملة التحريم فعريت . أي : خرجت .

                                                          ( هـ ) وفيه : " إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل أنذر قومه جيشا فقال : أنا النذير العريان " . خص العريان لأنه أبين للعين وأغرب وأشنع عند المبصر . وذلك أن ربيئة القوم وعينهم يكون على مكان عال ، فإذا رأى العدو قد أقبل نزع ثوبه وألاح به لينذر قومه ويبقى عريانا .

                                                          ( هـ ) وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : " عاري الثديين " . ويروى : " الثندوتين " . أراد أنه لم يكن عليهما شعر . وقيل : أراد لم يكن عليهما لحم ، فإنه قد جاء في صفته : أشعر الذراعين والمنكبين وأعلى الصدر .

                                                          ( س ) وفيه : " أنه أتي بفرس معرور " . أي : لا سرج عليه ولا غيره . واعرورى فرسه إذا ركبه عريا ، فهو لازم ومتعد ، أو يكون أتي بفرس معرورى ، على المفعول . ويقال : فرس عري ، وخيل أعراء .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : " أنه ركب فرسا عريا لأبي طلحة " . ولا يقال : رجل عري ، ولكن عريان .

                                                          ( س ) وفيه : " لا ينظر الرجل إلى عرية المرأة " . هكذا جاء في بعض روايات مسلم يريد ما يعرى منها وينكشف . والمشهور في الرواية : " لا ينظر إلى عورة المرأة " .

                                                          [ ص: 226 ] ( س ) وفي حديث أبي سلمة : " كنت أرى الرؤيا أعرى منها " . أي : يصيبني البرد والرعدة من الخوف . يقال : عري فهو معرو . والعرواء : الرعدة .

                                                          * ومنه حديث البراء بن مالك : " أنه كان يصيبه العرواء " . وهو في الأصل برد الحمى .

                                                          ( س ) وفيه : " فكره أن يعروا المدينة " . وفي رواية : " أن تعرى " . أي : تخلو وتصير عراء وهو الفضاء من الأرض ، وتصير دورهم في العراء .

                                                          ( س ) وفيه : " كانت فدك لحقوق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي تعروه " . أي : تغشاه وتنتابه .

                                                          * ومنه حديث أبي ذر : " ما لك لا تعتريهم وتصيب منهم " . عراه واعتاره إذا قصده يطلب منه رفده وصلته . وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( س ) وفيه : " أن امرأة مخزومية كانت تستعير المتاع وتجحده ، فأمر بها فقطعت يدها " . الاستعارة : من العارية وهي معروفة . وذهب عامة أهل العلم إلى أن المستعير إذا جحد العارية لا يقطع لأنه جاحد خائن ، وليس بسارق ، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصا وإجماعا .

                                                          وذهب إسحاق إلى القول بظاهر هذا الحديث .

                                                          وقال أحمد : لا أعلم شيئا يدفعه .

                                                          قال الخطابي : وهو حديث مختصر اللفظ والسياق . وإنما قطعت المخزومية لأنها سرقت ، وذلك بين في رواية عائشة لهذا الحديث .

                                                          ورواه مسعود بن الأسود فذكر أنها سرقت قطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفا لها بخاص صفتها ، إذ كانت الاستعارة والجحد معروفة بها ، ومن عادتها كما عرفت بأنها مخزومية ، إلا أنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقت إلى السرقة واجترأت عليها ، فأمر بها فقطعت .

                                                          ( س ) وفيه : لا تشد العرى إلا إلى ثلاثة مساجد . هي جمع عروة ، يريد عرى الأحمال والرواحل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية