الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل : والاستبراء يحصل بوضع الحمل إن كانت حاملا ، أو بحيضة إن كانت ممن تحيض ، أو بمضي شهر إن كانت صغيرة ، أو آيسة . وعنه : بثلاثة أشهر ، اختاره الخرقي ، وإن ارتفع حيضها ، لا تدري ما رفعه فبعشرة أشهر ، نص عليه ، وعنه في أم الولد إذا مات سيدها اعتدت أربعة أشهر وعشرا والأول أصح .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( والاستبراء يحصل بوضع الحمل إن كانت حاملا ) للآية والخبر ، والمعنى ( أو بحيضة إن كانت ممن تحيض ) لا ببقيتها ، وفي لفظ " حتى تستبرأ بحيضة " وتصدق في حيض ، فلو أنكرته ، فقال : أخبرتني به ، فوجهان ، ووطؤه في مدة الاستبراء حرام ، ولا يقطعه ، وإن أحبلها فيه استبرئت بوضعه ، وإن أحبلها في الحيضة حلت في الحال لأن ما مضى حيضة ( أو بمضي شهر إن كانت صغيرة ، أو آيسة ) قدمه في " المحرر " ، و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " [ ص: 158 ] لأن الشهر أقيم مقام الحيضة في عدة الحرة والأمة ، وكذا بالغة لم تحض ، فإن حاضت فيه اعتدت بحيضة ( وعنه : بثلاثة أشهر ) نقلها الجماعة ( اختاره الخرقي ) وابن عقيل ، قال في " الكافي " : وهي أظهر ، وقال ابن حمدان : وهي أولى ، قال أحمد : وإنما قلنا : بثلاثة أشهر من أجل الحمل ، فإن عمر بن عبد العزيز سأل عن ذلك جمعا من أهل العلم والقوابل فأخبروه أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر ، فأما شهر فلا معنى ، ولا نعلم به قائلا ، وعنه : بشهرين ، وعنه : بشهر ونصف كالأمة المطلقة ( وإن ارتفع حيضها ، لا تدري ما رفعه فبعشرة أشهر ، نص عليه ) لأن مدة التربص تسعة أشهر ، والشهر العاشر بدل الحيضة ، وقيل : ونصف ، وقيل : بأحد عشر شهرا ، وعنه : بسنة كالآيسة ، والفرق أن اعتبار تكرارها في الآيسة لتعلم براءتها منه بمضي غالب مدته ، فجعل أحمد الشهر مكان الحيضة على وفق القياس ، وظاهره أنها إذا علمت ما رفعه ، فإنها تعتد كحرة ( وعنه في أم الولد إذا مات سيدها اعتدت أربعة أشهر وعشرا ) وقاله الثوري ، وإسحاق ، وروى أبو داود ، وابن ماجه ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن قبيصة بن ذؤيب ، عن عمرو بن العاص ، قال : لا تفسدوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر ، قال الدارقطني : الصواب أنه موقوف ، وهو مرسل لأن قبيصة لم يسمع من عمرو ، ومارية اعتدت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث حيض . رواه البيهقي ، وقال : هو منقطع ( والأول أصح ) أي : تستبرأ بحيضة رواه مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وقال : ذلك الأمر عندنا ، وقال ابن المنذر : ضعف أحمد ، وأبو عبيد حديث عمرو ولأن الغرض براءة رحمها ، وهو يحصل بحيضة ، وعنه : بشهرين وخمسة [ ص: 159 ] أيام ، قال المؤلف : ولا أظنها صحيحة وروي ذلك عن عطاء ، وطاوس ، وقتادة كما لو مات عن زوجته الأمة ، ثم عتقت بعد موته ، وجوابه : أنه استبراء لزوال الملك عن الرقبة ، فكانت حيضة في حق من تحيض كسائر استبراء المعتقات والمملوكات ، وإنما لم يعتبر استبراء الزوجة ; لأن له نفي الولد باللعان . ذكره ابن عقيل عن أبي بكر الشاشي .



                                                                                                                          مسألة : إذا اشترى جارية فظهر بها حمل لم يخل من خمسة أحوال :

                                                                                                                          1 - أن يكون البائع أقر بوطئها عند البيع ، أو قبله وأتت به لدون ستة أشهر ، أو يكون البائع ادعاه وصدقه المشتري ، فهو ولد البائع ، والبيع باطل .

                                                                                                                          2 - أن يكون كل واحد منهما استبرأها ، وأتت به لأكثر من ستة أشهر من حين وطئها المشتري ، فالولد للمشتري ، وهي أم ولده .

                                                                                                                          3 - أن تأتي به لأكثر من ستة أشهر بعد استبراء أحدهما ، ولأقل من ستة أشهر منذ وطئها المشتري ، فلا يلحق واحدا منهما ، ويكون ملكا للمشتري ، ولا يملك فسخ البيع لأن الحمل تجدد في ملكه ظاهرا .

                                                                                                                          4 - أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ وطئها المشتري قبل استبرائها فنسبه لاحق بالمشتري ، فإن ادعاه البائع فأقره المشتري لحقه وبطل البيع ، وإن كذبه ، فالقول قول المشتري ، وإن ادعاه كل منهما عرض على القافة .

                                                                                                                          5 - أتت به لأقل من ستة أشهر منذ باعها ، ولم يكن أقر بوطئها ، فالبيع صحيح في الظاهر ، والولد مملوك للمشتري ، فإن ادعاه البائع ، فالحكم على ما ذكرنا في القسم الثالث ، والله أعلم بالصواب .




                                                                                                                          الخدمات العلمية