الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      قد انتهى والحمد لله على ما من من إنعامه وأكملا


      في صفر سنة إحدى عشره     من بعد سبعمائة للهجره


      خمسين بيتا مع أربعمائه     وأربعا تبصرة للنشأه


      عسى برشدهم به أن أرشدا     من ظلم الذنب إلى نور الهدى


      بجاه سيد الورى الشفيع     محمد ذي المحتد الرفيع


      صلى عليه ربنا عز وجل     وآله ما لاح نجم أو أفل

      أخبر بانتهاء الرجز الذي رامه وقصده، واستعان عليه بمولاه، واعتمده ولا شك أن الإعانة على إتمامه نعمة عظمى من نعم الله تعالى، ولذا حمد الله عز وجل على ما من، أي: أنعم به من إنعامه بجميع النعم التي من جملتها الإعانة على إتمام هذا الرجز.

      وقوله: "وأكملا" عطف على من، أي: وعلى ما أكمل به النعم، وهو الإيمان بالله ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم; لأن كل نعمة إنما تكمل بالإيمان وبدونه تكون ناقصة، [ ص: 240 ] ولذا كان هو أعظم النعم.

      ثم أخبر بأن انتهاء هذا الرجز كان في شهر صفر سنة إحدى عشرة بعد سبعمائة للهجرة المعهودة في التاريخ، وهي هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، وبأن عدة أبيات هذا الرجز أربعمائة بيت، وأربعة وخمسون بيتا، وقد نقل من كلام الناظم ما نصه: يقول ناظم هذا الرجز: لما انتهى نظم هذا الرجز في التاريخ المذكور بلغ "أربعمائة بيت وسبعة وثلاثين بيتا"، ثم انتسخ وانتشر ورواه بذلك أناس شتى، ثم عثرت فيه على مواضع كنت وهمت فيها، فأصلحتها فبلغ أربعة وخمسين بيتا وأربعمائة، فصار الآن ينيف على ما سبق منه سبعة عشر بيتا، فمن قيد من هذه النسخة فليثبت هذا بآخرها ليوقف على صحته، والله تعالى ولي التوفيق بمنه، لا رب غيره ولا معبود سواه. اه.

      وقوله: "تبصرة" حال من فاعل انتهى العائد على الرجز، والنشأة ككتبه جمع ناشئ، ومراده بهم المبتدئون في العلم؛ يعني أن هذا الرجز يبصر المبتدئين. أي: يعرفهم كيفية كتابة القرآن، ولو كبارا في السن.

      ثم ترجى من الله تعالى بسبب رشدهم وهدايتهم بهذا الرجز إلى كيفية الكتابة أن يرشده تعالى؛ أي: يخرجه من الظلم التي هي الذنوب إلى النور الذي هو الهدى، الظلم بضم الظاء وفتح اللام، جمع ظلمة ضد النور.

      ثم توسل بجاه سيد الورى الشفيع الذي يحتاج إلى شفاعته عند الله جميع الكبراء سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجاه المنزلة، والورى الخلق.

      ثم وصفه -صلى الله عليه وسلم- على جهة المدح بأنه صاحب المحتد الرفيع، والمحتد بفتح الميم وكسر التاء وبالدال الأصل، والرفيع الشريف القدر.

      ثم دعا ربنا عز وجل أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وآله الكرام.

      ثم علق استمرار الصلاة باستمرار طلوع النجوم وغروبها، وهو أمر باق ببقاء الدنيا، فقوله: صلى عليه ربنا، لفظه لفظ الخبر، ومعناه الدعاء، أي: صل يا ربنا عليه، ومعنى: عز: امتنع من سمات المحدثات، ومعنى: جل: تعاظم، وفاعل كل منهما ضمير يعود على "ربنا"، وقوله: ما لاح نجم، معناه: ما طلع نجم، "وما" مصدرية ظرفية، وقوله: أو أفل بفتح الفاء معناه: أو غرب.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية