الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون

                                                                                                                                                                                                حذف المقول; لأن الجواب دال عليه. والمعنى: قل لهم اغفروا يغفروا لا يرجون أيام لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه، من قولهم لوقائع العرب: أي أم العرب. وقيل: لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها. قيل: نزلت قبل آية القتال، ثم نسخ حكمها. وقيل: نزولها في عمر رضي الله عنه وقد شتمه رجل من غفار [ ص: 485 ] فهم أن يبطش به. وعن سعيد بن المسيب : كنا بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقرأ قارئ هذه الآية، فقال عمر : ليجزى عمر بما صنع "ليجزي" تعليل للأمر بالمغفرة، أي: إنما أمروا بأن يغفروا لما أراده الله من توفيقهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة. فإن قلت: قوله: "قوما" ما وجه تنكيره وإنما أراد الذين آمنوا وهم معارف؟ قلت: هو مدح لهم وثناء عليهم، كأنه قيل: ليجزي أي ما قوم وقوما مخصوصين; لصبرهم وإغضائهم على أذى أعدائهم من الكفار، وعلى ما كانوا يجرعونهم من الغصص بما كانوا يكسبون من الثواب العظيم بكظم الغيظ واحتمال المكروه ومعنى قول عمر : ليجزى عمر بما صنع: ليجزى بصبره واحتماله. وقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية: والذي بعثك بالحق لا ترى الغضب في وجهي. وقرئ: (ليجزي قوما) أي: الله عز وجل. وليجزى قوم. وليجزي قوما، على معنى: وليجزي الجزاء قوما.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية