الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 24 ) فصل : إذا كان الماء كثيرا ، فوقع في جانب منه نجاسة ، فتغير بها ، نظرت فيما لم يتغير ، فإن نقص عن القلتين فالجميع نجس ; لأن المتغير نجس بالتغير ، والباقي تنجس بملاقاته ، وإن زاد عن القلتين فهو طاهر . وقال ابن عقيل ، وبعض الشافعية : يكون نجسا أيضا ، وإن كثر وتباعدت أقطاره ; لأنه ماء راكد بعضه نجس ، فكان جميعه نجسا ، كما لو تقاربت أقطاره ; ولأن المتغير مائع نجس ، فينجس ما يلاقيه ، ثم تنجس بذلك ما يلاقيه إلى آخره .

                                                                                                                                            فإن اضطرب فزال التغير زال التنجيس ; لزوال علته . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء . } وقوله صلى الله عليه وسلم : { الماء طهور لا ينجسه شيء } .

                                                                                                                                            وغير المتغير قد بلغ القلتين ولم يتغير ، فيدخل في عموم الأحاديث ; ولأنه ماء كثير لم يتغير بالنجاسة ، فكان طاهرا ، كما لو لم يتغير منه شيء ; ولأن العلة في نجاسة الماء الكثير التغير فقط ، فيختص التنجيس بمحل العلة ، كما لو تغير بعضه بطاهر ، فلا يصح القياس على ما إذا كان غير المتغير ناقصا عن القلتين ; لأنه قليل ينجس بمجرد الملاقاة للنجاسة ، بخلاف الكثير .

                                                                                                                                            وأما تباعد الأقطار وتقاربها فلا عبرة بها ، إنما العبرة بكون غير المتغير قليلا أو كثيرا ، فلا يمتنع الحكم بطهارة الماء الملاصق للنجاسة ، بدليل ما لو كان فيه كلب أو ميتة ، فإن الملاصق له طاهر ، وإن منعت طهارته فالملاصق للملاصق طاهر ، وعلى قياس قولهم ينبغي أن يتنجس البحر إذا تغير جانبه والماء الجاري وكل ما تغير بعضه ولا قائل به ، وقد قال أحمد في المصانع التي بطريق مكة : لا ينجس تلك شيء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية