الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5445 92 - حدثنا قتيبة، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عتبة بن مسلم مولى بني تميم، عن عبيد بن حنين مولى بني زريق، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه، فإن في إحدى جناحيه شفاء، وفي الآخر داء.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في صدر الحديث، والحديث قد مر في بدء الخلق في (باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم) إلى آخره، فإنه أخرجه هناك، عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن عتبة بن مسلم إلى آخره، ولفظه: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم" ولفظ الإناء أشمل، ومر الكلام فيه هناك.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كله" تأكيد رفع توهم المجاز من الاكتفاء بغمس بعضه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فإن في إحدى جناحيه" وفي رواية أبي داود: "فإن في أحد" والجناح يذكر ويؤنث، وقيل: أنث باعتبار اليد، وحقيقته للطائر، ويقال لغيره على سبيل المجاز كما في قوله تعالى: واخفض لهما جناح الذل ولم يقع تعيين الجناح الذي فيه الشفاء، وذكر عن بعض العلماء أنه تأمله فوجده يتقي بجناحه الأيسر، فعرف أن الأيمن هو الذي فيه الشفاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: "داء" المراد به السم الذي فيه، ويوضحه حديث أبي سعيد، فإن فيه أنه يقدم السم ويؤخر الشفاء، ولا يحتاج فيه إلى التخريج الذي تكلفه بعض الشراح، فقال: إن في اللفظ مجازا، وهو كون الداء في أحد الجناحين، فهو إما من مجاز الحذف، والتقدير: فإن في أحد جناحيه سبب داء، وإما مبالغة بأن يجعل كل الداء في أحد جناحيه لما كان سببا له، وقال الخطابي: هذا مما ينكره من لم يشرح الله قلبه [ ص: 294 ] بنور المعرفة، ولم يتعجب من النحلة جمع الله فيها الشفاء والسم معا، فتعسل من أعلاها وتسم من أسفلها بحمتها، والحية سمها قاتل ولحمها مما يستشفى به من الترياق الأكبر من سمها، فريقها داء ولحمها دواء، ولا حاجة لنا مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصادق المصدوق إلى النظائر وأقوال أهل الطب الذين ما وصلوا إلى علمهم إلا بالتجربة، والتجربة خطر، والله على كل شيء قدير، وإليه التوكل والمصير.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية