الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 265 ] ( عفا ) * في أسماء الله تعالى " العفو " هو فعول ، من العفو وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه ، وأصله المحو والطمس ، وهو من أبنية المبالغة . يقال : عفا يعفو عفوا ، فهو عاف وعفو .

                                                          * وفي حديث الزكاة " قد عفوت عن الخيل والرقيق فأدوا زكاة أموالكم " أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه ، ومنه قولهم : عفت الريح الأثر ، إذا طمسته ومحته .

                                                          ( س ) ومنه حديث أم سلمة " قالت لعثمان : لا تعف سبيلا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحبها " أي لا تطمسها .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث أبي بكر " سلوا الله العفو والعافية والمعافاة " فالعفو : محو الذنوب ، والعافية : أن تسلم من الأسقام والبلايا ، وهي الصحة وضد المرض ، ونظيرها الثاغية والراغية ، بمعنى الثغاء والرغاء . والمعافاة : هي أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك : أي يغنيك عنهم ويغنيهم عنك ، ويصرف أذاهم عنك وأذاك عنهم . وقيل : هي مفاعلة من العفو ، وهو أن يعفو عن الناس ويعفو هم عنه .

                                                          * ومنه الحديث تعافوا الحدود فيما بينكم أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إلي ، فإني متى علمتها أقمتها .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن عباس ، وسئل عما في أموال أهل الذمة فقال : " العفو " أي عفي لهم عما فيها من الصدقة وعن العشر في غلاتهم .

                                                          * ( هـ ) وفي حديث ابن الزبير " أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس " هو السهل المتيسر : أي أمره أن يحتمل أخلاقهم ويقبل منها ما سهل وتيسر ، ولا يستقصي عليهم .

                                                          * ومنه حديثه الآخر " أنه قال للنابغة : أما صفو أموالنا فلآل الزبير ، وأما عفوه فإن تيما وأسدا تشغله عنك " قال الحربي : العفو : أجل المال وأطيبه .

                                                          وقال الجوهري : عفو المال : ما يفضل عن النفقة وكلاهما جائز في اللغة ، والثاني أشبه بهذا الحديث .

                                                          [ ص: 266 ] ( هـ ) وفيه أنه أمر بإعفاء اللحى هو أن يوفر شعرها ولا يقص كالشوارب ، من عفا الشيء إذا كثر وزاد . يقال : أعفيته وعفيته .

                                                          * ومنه ( حديث ) القصاص لا أعفى من قتل بعد أخذ الدية هذا دعاء عليه : أي لا كثر ماله ولا استغنى .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث إذا دخل صفر وعفا الوبر أي كثر وبر الإبل .

                                                          * وفي رواية أخرى وعفا الأثر هو بمعنى درس وامحى .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث مصعب بن عمير إنه غلام عاف أي وافي اللحم كثيره .

                                                          * وفي حديث عمر " إن عاملنا ليس بالشعث ولا العافي " .

                                                          * وفيه إن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه ، فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه أعفي المريض بمعنى عوفي .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه أقطع من أرض المدينة ما كان عفاء أي ما ليس فيه لأحد أثر ، وهو من عفا الشيء إذا درس ولم يبق له أثر . يقال : عفت الدار عفاء ، أو ما ليس لأحد فيه ملك ، من عفا الشيء يعفو إذا صفا وخلص .

                                                          [ هـ ] ومنه الحديث ويرعون عفاءها .

                                                          * ومنه حديث صفوان بن محرز " إذا دخلت بيتي فأكلت رغيفا وشربت عليه من الماء فعلى الدنيا العفاء " أي الدروس وذهاب الأثر . وقيل : العفاء التراب .

                                                          ( هـ ) وفيه ما أكلت العافية منها فهو له صدقة وفي رواية " العوافي " العافية والعافي : كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طائر ، وجمعها : العوافي ، وقد تقع العافية على الجماعة . يقال : عفوته واعتفيته : أي أتيته أطلب معروفه . وقد تكرر ذكر " العوافي " في الحديث بهذا المعنى .

                                                          [ ص: 267 ] ومنها الحديث في ذكر المدينة ويتركها أهلها على أحسن ما كانت مذللة للعوافي .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أبي ذر " أنه ترك أتانين وعفوا " العفو بالكسر والضم والفتح : الجحش ، والأنثى عفوة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية