الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) المعدودات المتقاربة إذا بيعت عددا لا جزافا فحكمها حكم المكيلات ، والموزونات عند أبي حنيفة حتى لا يجوز بيعها إلا بعد العد ، وعند أبي يوسف ، ومحمد حكمها حكم المذروعات ، فيجوز بيعها قبل العد ( وجه ) قولهما : أن العددي ليس من أموال الربا كالذرع ، ولهذا لم تكن المساواة فيها شرطا لجواز العقد كما لا تشترط في المذروعات فكان حكمه حكم المذروع ، ولأبي حنيفة رحمه الله أن القدر في المعدود معقود عليه كالقدر في المكيل ، والموزون ألا ترى : أنه لو عده فوجده زائدا لا تطيب الزيادة له بلا ثمن بل يردها أو يأخذها بثمنها ؟ .

                                                                                                                                ولو وجده ناقصا يرجع بقدر النقصان كما في المكيل ، والموزون دل أن القدر فيه معقود عليه ، واحتمال الزيادة ، والنقصان في عدد المبيع ثابت ، فلا بد من معرفة قدر المعقود عليه ، وامتيازه من غيره ، ولا يعرف قدره إلا بالعد فأشبه المكيل ، والموزون ، ولهذا كان العد فيه بمنزلة المكيل ، والموزون في ضمان العد ، وإن لم يجز فيه الربا ; لأن المساواة بين واحد ، وواحد في العد ثبتت باصطلاح الناس ، وإهدارهم التفاوت بينهما في الصغر ، والكبر لكن ما ثبت باصطلاح الناس جاز أن يبطل باصطلاحهم ، ولما تبايعا واحدا باثنين فقد أهدرا اصطلاح الإهدار واعتبرا الكبر ; لأنهما قصدا البيع الصحيح ، ولا صحة إلا باعتبار الكبر ، وسقوط العد فكان أحدهما من أحد الجانبين بمقابلة الكبير من الجانب الآخر فلا يتحقق الربا أما ههنا فلا بد من اعتبار العد إذا بيع عددا ، وإذا اعتبر العد لا يجوز التصرف فيه قبل القبض كما في المكيل ، والموزون بخلاف المذروع فإن القدر فيه ليس بمعقود عليه على ما بينا فكانت التخلية فيه قبضا تاما فكان تصرفا في المبيع المنقول بعد القبض ، وأنه جائز ، والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية