الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الوقعة بين السلطان بركيارق ومحمد وإعادة خطبة محمد ببغداذ

في هذه السنة سار بركيارق من بغداذ على شهرزور ، فأقام بها ثلاثة أيام ، والتحق به عالم كثير من التركمان وغيرهم ، فسار نحو أخيه السلطان محمد ليحاربه ، فكاتبه رئيس همذان ليسير إليها ويأخذ أقطاع الأمراء الذين مع أخيه ، فلم يفعل ، وسار نحو أخيه فوقعت الحرب بينهم رابع رجب ، وهو المصاف الأول بين بركيارق وأخيه السلطان محمد بإسبيذروذ ، ومعناه النهر الأبيض ، وهو على عدة فراسخ من همذان .

وكان مع محمد نحو عشرين ألف مقاتل ، وكان محمد في القلب ، ومعه الأمير سرمز ، وعلى ميمنته أمير آخر ، وابنه إياز ، وعلى ميسرته مؤيد الملك ، والنظامية ، وكان السلطان بركيارق في القلب ، ووزيره الأعز أبو المحاسن ، وعلى ميمنته كوهرائين وعز الدولة بن صدقة بن مزيد ، وسرخاب بن بدر ، وعلى ميسرته كربوقا وغيره ، فحمل كوهرائين من ميمنة بركيارق على ميسرة محمد ، وبها مؤيد الملك ، والنظامية ، فانهزموا ، ودخل عسكر بركيارق في خيامهم ، فنهبوهم ، وحملت ميمنة محمد على ميسرة بركيارق ، فانهزمت الميسرة ، وانضافت ميمنة محمد إليه في القلب على بركيارق ومن معه ، فانهزم بركيارق ، ووقف محمد مكانه ، وعاد كوهرائين من طلب المنهزمين الذين انهزموا بين يديه ، وكبا به فرسه ، فأتاه خراساني فقتله ، وأخذ رأسه ، وتفرقت عساكر بركيارق ، وبقي في خمسين فارسا .

[ ص: 435 ] وأما وزيره الأعز أبو المحاسن فإنه أخذ أسيرا ، فأكرمه مؤيد الملك بن نظام الملك ، ونصب له خيما وخركاة ، وحمل إليه الفرش والكسوة ، وضمنه عمادة بغداذ ، وأعاده إليها ، وأمره بالمخاطبة في إعادة الخطبة للسلطان محمد ببغداذ ، فلما وصل إليها خاطب في ذلك ، فأجيب إليه ، وخطب له يوم الجمعة رابع عشر رجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية