الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3216 ) فصل : وإن أسلم فيما يكال وزنا ، أو فيما يوزن كيلا ، فنقل الأثرم ، أنه سأل أحمد عن السلم في التمر وزنا ؟ فقال : لا إلا كيلا . قلت : إن الناس هاهنا لا يعرفون الكيل . قال : وإن كانوا لا يعرفون الكيل . فيحتمل هذا أنه لا يجوز في المكيل إلا كيلا ، ولا في الموزون إلا وزنا .

                                                                                                                                            وهكذا ذكره القاضي ، وابن أبي موسى ; لأنه مبيع يشترط معرفة قدره ، فلم يجز بغير ما هو مقدر به في الأصل ، كبيع الرطوبات بعضها ببعض . ولأنه قدر المسلم بغير ما هو مقدر به في الأصل ، فلم يجز ، كما لو أسلم في المذروع وزنا . ونقل المروذي عن أحمد ، أنه يجوز السلم في اللبن إذا كان كيلا أو وزنا . وهذا يدل على إباحة السلم في المكيل وزنا ، وفي الموزون كيلا ; لأن اللبن لا يخلو من كونه مكيلا أو موزونا ، وقد أجاز السلم فيه بكل واحد منهما . وهذا قول الشافعي وابن المنذر وقال مالك : ذلك جائز إذا كان الناس يتبايعون التمر وزنا .

                                                                                                                                            وهذا أصح ، إن شاء الله تعالى ; لأن الغرض معرفة قدره ، وخروجه من الجهالة ، وإمكان تسليمه من غير تنازع ، فبأي قدر قدره جاز . ويفارق بيع الربويات ; فإن التماثل فيها في المكيل كيلا وفي الموزون وزنا شرط ، ولا نعلم هذا الشرط إذا قدرها بغير مقدارها الأصلي . إذا ثبت هذا ، فإن الحبوب كلها مكيلة ، وكذلك التمر والزبيب والفستق والبندق والملح . قال القاضي : وكذلك الأدهان . وقال في السمن واللبن والزبد : يجوز السلم فيها كيلا ووزنا . ولا يسلم في اللبأ إلا وزنا ; لأنه يجمد عقيب حلبه فلا يتحقق الكيل فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية