الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3229 ) فصل : إذا تعذر تسليم المسلم فيه عند المحل ، إما لغيبة المسلم فيه أو عجزه عن التسليم ، حتى عدم المسلم فيه ، أو لم تحمل الثمار تلك السنة ، فالمسلم بالخيار بين أن يصبر إلى أن يوجد فيطالب به ، وبين أن يفسخ العقد ويرجع بالثمن إن كان موجودا ، أو بمثله إن كان مثليا ، وإلا قيمته . وبه قال الشافعي ، وإسحاق ، وابن المنذر .

                                                                                                                                            وفيه وجه آخر ، أنه ينفسخ العقد بنفس التعذر ; لكون المسلم فيه من ثمرة العام بدليل وجوب التسليم [ ص: 197 ] منها ، فإذا هلكت انفسخ العقد ، كما لو باعه قفيزا من صبرة فهلكت . والأول الصحيح ; فإن العقد قد صح ، وإنما تعذر التسليم ، فهو كما لو اشترى عبدا فأبق قبل القبض .

                                                                                                                                            ولا يصح دعوى التعيين في هذا العام ; فإنهما لو تراضيا على دفع المسلم فيه من غيرها ، جاز ، وإنما أجبر على دفعه من ثمرة العام ، لتمكينه من دفع ما هو بصفة حقه ، ولذلك يجب عليه الدفع من ثمرة نفسه إذا وجدها ولم يجد غيرها ، وليست متعينة . وإن تعذر البعض ، فللمشتري الخيار بين الفسخ في الكل ، والرجوع بالثمن ، وبين أن يصبر إلى حين الإمكان ، ويطالب بحقه .

                                                                                                                                            فإن أحب الفسخ في المفقود دون الموجود ، فله ذلك ; لأن الفساد طرأ بعد صحة العقد ، فلا يوجب الفساد في الكل ، كما لو باعه صبرتين فتلفت إحداهما . وفيه وجه آخر : ليس له الفسخ إلا في الكل ، أو يصبر ، على ما ذكرنا من الخلاف في الإقالة في بعض المسلم فيه .

                                                                                                                                            وإن قلنا : إن الفسخ يثبت بنفس التعذر . انفسخ في المفقود دون الموجود ; لما ذكرنا من أن الفساد الطارئ على بعض المعقود عليه لا يوجب فساد الجميع ، ويثبت للمشتري خيار الفسخ في الموجود ، كما ذكرنا في الوجه الأول .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية