الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وذكر في الأصل عن الحسن رحمه الله { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد فساوم به ، ولم يشتره فجاء رجل فاشتراه فأعتقه ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : صلى الله عليه وسلم هو أخوك ، ومولاك فإن شكرك فهو خير له وشر لك ، وإن كفرك فهو شر له ، وخير لك ، وإن مات ، ولم يترك ، وارثا كنت أنت عصبته } ، وفيه دليل أنه لا بأس بالمساومة لمن لا يريد الشراء بخلاف ما يقوله بعض الناس : إن هذا اشتغال بما لا يفيد . فإن فيه فائدة ، وهو ترغيب الغير في شرائه ، والرجل تفرس فيه خيرا حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ساوم به فلهذا اشتراه ، وأعتقه ، وقوله صلى الله عليه وسلم هو أخوك أي في الدين قال الله تعالى : { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم } ، وفيه دليل على أن الولاء يثبت بالعتق ، وإن لم يشترط المعتق بخلاف ما يقوله بعض الناس ، وقوله فإن شكرك أي بالمجازاة على ما صنعت إليه فهو خير له ; لأنه انتدب إلى ما ندب إليه في الشرع قال : صلى الله عليه وسلم من أزلت إليه نعمة فليشكرها ، وشر لك ; لأنه يصل إليك بعض الجزاء في الدنيا فينتقص بقدره من ثوابك في الآخرة ، وإن كفرك فهو خير لك ; لأنه يبقى ثواب العمل كله لك في الآخرة ، وشر له ; لأن كفران النعمة مذموم قال : صلى الله عليه وسلم { من لم يشكر الناس لم يشكر الله } ، وفيه دليل على أن المعتق يكون عصبة للمعتق ; لأنه قال كنت أنت عصبته ، ويستدل بالظاهر من يؤخر مولى العتاقة عن ذوي الأرحام ; لأنه قال ، ولم يترك وارثا ، وذوو الأرحام من جملة الورثة ، ولكن عندنا مولى العتاقة آخر العصبات مقدم على ذوي الأرحام ومعنى [ ص: 62 ] الحديث لم يترك ، وارثا ، هو عصبة بدليل قوله كنت أنت عصبته ثم بين أن من أعتق عبدا ينبغي أن يكتب له بذلك كتابا ، والمقصود بالكتاب التوثيق فليكتب على أحوط الوجوه ، ويتحرز فيه عن طعن كل طاعن ، ولهذا ذكر فيه أني أعتقك لوجه الله فإن من الناس من يقول لا ينفذ العتق إذا لم يقصد المعتق وجه الله تعالى ، ونحن لا نقول بهذا حتى لو قال : أعتقك لوجه الله تعالى أو الشيطان نفذ العتق .

والحديث الذي بدأ به الكتاب يدل عليه ، ولكن يذكر هذا للتحرز عن جهل بعض القضاة

،

التالي السابق


الخدمات العلمية