الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3776 باب: الرخصة في الشرب قائما، من زمزم

                                                                                                                              وهو في النووي في : (باب الشرب قائما) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 198 ج 13 المطبعة المصرية



                                                                                                                              [عن عاصم، سمع الشعبي، سمع ابن عباس، قال: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم. فشرب. قائما واستسقى وهو عند البيت]. .

                                                                                                                              [ ص: 548 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 548 ] (الشرح)

                                                                                                                              ( عن ابن عباس) رضي الله عنهما ؛ ( قال : سقيت رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم من زمزم . فشرب قائما) .

                                                                                                                              وفي لفظ : "شرب من زمزم من دلو ، وهو قائم" .

                                                                                                                              ( واستقى وهو عند البيت) . أي طلب ما يشربه . والمراد بالبيت : " الكعبة الشريفة " زادها الله شرفا .

                                                                                                                              وأصل هذا الحديث متفق عليه .

                                                                                                                              وعن علي "رضي الله عنه " ؛ عند أحمد والبخاري : " أنه - في رحبة الكوفة - شرب وهو قائم . ثم قال : إن ناسا يكرهون الشرب قائما ، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، صنع مثل ما صنعت " . أي : شرب قائما . وصرح به الإسماعيلي في روايته . فقال : شرب فضلة وضوئه قائما ، كما شربت ". ويؤيده : حديث ابن عمر : "قال : كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونحن نمشي . ونشرب ونحن قيام " . رواه أحمد ، وابن ماجه ، والترمذي وصححه .

                                                                                                                              وهذه الأحاديث : تدل على جواز الشرب قائما . لا سيما شرب ماء [ ص: 549 ] زمزم ، وماء الوضوء . قال المازري : والذي يظهر لي : أن هذه تدل على الجواز ، وأحاديث النهي تحمل على الاستحباب ، والحث على ما هو أولى وأكمل .

                                                                                                                              قال القرطبي في " المفهم " : لم يصر أحد إلى أن النهي فيه للتحريم ؛ وإن كان القول به جاريا على أصول الظاهرية . وتعقب بأن ابن حزم منهم ، جزم بالتحريم . لكن في الموطأ : " أن عمر ، وعثمان ، وعليا : كانوا يشربون قياما . وكان سعد وعائشة : لا يريان بذلك بأسا " . وثبتت الرخصة عن جماعة من التابعين . وسلك العلماء في ذلك مسالك ؛ أحدها : " الترجيح " . وأن أحاديث الجواز ، أثبت من حديث النهي .

                                                                                                                              الثاني : دعوى النسخ .

                                                                                                                              الثالث : الجمع بين الأخبار ، بضرب من التأويل . وقد تقدم الكلام عليه . وهو الأولى .

                                                                                                                              ومن قال بترجيح أحاديث النهي ؛ يقال له على فرض التسليم : إن في حديث الباب دلالة على الجواز ؛ فيبنى العام على الخاص . بأن يقال : إن شرب الماء على حالة القيام منهي عنه ؛ إلا شرب ماء زمزم وماء الوضوء .




                                                                                                                              الخدمات العلمية