الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة ، في ربيع الأول ، خرج تاج الرؤساء ابن أخت أمين الدولة أبي سعد بن الموصلايا إلى الحلة السيفية ، مستجيرا بسيف الدولة صدقة .

وسبب ذلك أن الوزير الأعز وزير السلطان بركيارق كان ينسب إليه أنه هو الذي يميل جانب الخليفة إلى السلطان محمد ، فسار خائفا ، واعتزل خاله أمين الدولة الديوان ، وجلس في داره ، فلما قتل الوزير الأعز ، على ما ذكرنا ، عاد تاج الرؤساء من الحلة إلى بغداذ ، وعاد خاله إلى منصبه .

وفي ربيع الأول أيضا ورد العميد المهذب أبو المجد ، أخو الوزير الأعز ، إلى بغداذ ، نائبا عن أخيه ، ظنا منه أن إيلغازي لا يخالفهم ، حيث كان بركيارق ومحمد قد اتفقا ، كما ذكرناه ، فقبض عليه إيلغازي ، ولم يتغير عن طاعة محمد .

وفيها في جمادى الأولى ، ورد إلى بغداذ ابن تكش بن ألب أرسلان ، وكان قد استولى على الموصل ، فخدعه من كان بها ، حتى سار عنها إلى بغداذ ، فلما وصل إليها زوجه إيلغازي بن أرتق ابنته .

وفيها ، في شهر رمضان ، استوزر الخليفة سديد الملك أبا المعالي بن عبد الرزاق ، ولقب عضد الدين .

وفيها ، في صفر ، قتل الربعيون بهيت قاضي البلد أبا علي بن المثنى ، وكان ورعا ، فقيها ، حنفيا ، من أصحاب القاضي أبي عبد الله الدامغاني ، وكان هذا القاضي [ ص: 480 ] على ما جرت به عادة القضاة هناك من الدخول بين القبائل ، فنسبوه في ذلك إلى التحامل عليهم ، فقتله أحدهم ، فندم الباقون على قتله وقد فات الأمر .

وفيها بنى سيف الدولة صدقة بن مزيد الحلة بالجامعين ، وسكنها ، وإنما كان يسكن هو وآباؤه قبله في البيوت العربية .

وفي جمادى الأولى قتل المؤيد بن شرف الدولة مسلم بن قريش أمير بني عقيل ، قتله بنو نمير عند هيت قصاصا .

[ الوفيات ] وفيها توفي القاضي البندنيجي الضرير ، الفقيه الشافعي ، انتقل إلى مكة ، فجاور بها أربعين سنة يدرس الفقه ، ويسمع الحديث ، ويشتغل بالعبادة .

وفيها توفي أبو عبد الله الحسين بن محمد الطبري بأصبهان ، وكان يدرس فقه الشافعي بالمدرسة النظامية ، وقد جاوز تسعين سنة ، وهو من أصحاب أبي إسحاق .

وفيها توفي الأمير منظور بن عمارة الحسيني ، أمير المدينة ، على ساكنها السلام ، وقام ولده مقامه ، وهو من ولد المهنا ، وقد كان قتل المعمار الذي أنفذه مجد الملك البلاساني لعمارة القبة التي على قبر الحسن بن علي والعباس ، رضي الله عنهما ، وكان من أهل قم ، فلما قتل البلاساني قتله منظور بعد أن أمنه ، وكان قد هرب منه إلى مكة ، فأرسل إليه بأمانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية