الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 337 ] ( غبر ) ( هـ ) فيه ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر الغبراء : الأرض ، والخضراء : السماء للونهما ، أراد أنه متناه في الصدق إلى الغاية ، فجاء به على اتساع الكلام والمجاز .

                                                          * ومنه حديث أبي هريرة بينا رجل في مفازة غبراء هي التي لا يهتدى للخروج منها .

                                                          وفيه لو تعلمون ما يكون في هذه الأمة من الجوع الأغبر والموت الأحمر هذا من أحسن الاستعارات ; لأن الجوع أبدا يكون في السنين المجدبة ، وسنو الجدب تسمى غبرا ; لاغبرار آفاقها من قلة الأمطار ، وأرضيها من عدم النبات والاخضرار . والموت الأحمر : الشديد ، كأنه موت بالقتل وإراقة الدماء . ( س ) ومنه حديث عبد الله بن الصامت " يخرب البصرة الجوع الأغبر والموت الأحمر " .

                                                          ( س ) وفي حديث مجاشع " فخرجوا مغبرين ، هم ودوابهم " المغبر : الطالب للشيء المنكمش فيه ، كأنه لحرصه وسرعته يثير الغبار .

                                                          * ومنه حديث الحارث بن أبي مصعب " قدم رجل من أهل المدينة فرأيته مغبرا في جهازه " .

                                                          وفيه إنه كان يحدر فيما غبر من السورة أي يسرع في قراءتها . قال الأزهري : يحتمل الغابر هاهنا الوجهين ، يعني الماضي والباقي ، فإنه من الأضداد . قال : والمعروف الكثير أن الغابر الباقي . وقال غير واحد من الأئمة إنه يكون بمعنى الماضي .

                                                          ( هـ ) * ومنه الحديث أنه اعتكف العشر الغوابر من شهر رمضان أي البواقي ، جمع غابر .

                                                          [ ص: 338 ] ( س ) وفي حديث ابن عمر " سئل عن جنب اغترف بكوز من حب فأصابت يده الماء فقال : غابره نجس " أي باقيه .

                                                          * ومنه الحديث " فلم يبق إلا غبرات من أهل الكتاب " وفي رواية " غبر أهل الكتاب " الغبر : جمع غابر ، والغبرات : جمع غبر .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عمرو بن العاص " ولا حملتني البغايا في غبرات المآلي " أراد أنه لم تتول الإماء تربيته ، والمآلي : خرق الحيض : أي في بقاياها .

                                                          ( هـ ) وفي حديث معاوية " بفنائه أعنز درهن غبر " أي قليل . وغبر اللبن : بقيته وما غبر منه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أويس " أكون في غبر الناس أحب إلي " أي أكون من المتأخرين لا المتقدمين المشهورين ، وهو من الغابر : الباقي .

                                                          وجاء في رواية " في غبراء الناس " بالمد : أي فقرائهم . ومنه قيل للمحاويج : بنو غبراء ، كأنهم نسبوا إلى الأرض والتراب .

                                                          ( هـ ) وفيه " إياكم والغبيراء فإنها خمر العالم " الغبيراء : ضرب من الشراب يتخذه الحبش من الذرة [ وهي تسكر ] وتسمى السكركة .

                                                          وقال ثعلب : هي خمر تعمل من الغبيراء : هذا التمر المعروف : أي [ هي ] مثل [ ص: 339 ] الخمر التي يتعارفها جميع الناس ، لا فصل بينهما في التحريم . وقد تكرر في الحديث .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية