الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ما فعله ينال بالعراق

قد ذكرنا وصول ينال بن أنوشتكين إلى بغداذ قبل ، فلما استقر ببغداذ ظلم الناس [ ص: 482 ] بالبلاد جميعا ، وصادرهم ، واستطال أصحابه على العامة بالضرب والقتل والتقسيط ، وصادر العمال .

فأرسل إليه الخليفة قاضي القضاة أبا الحسن الدامغاني ينهاه عن ذلك ، ويقبح عنده ما يرتكبه من الظلم والعدوان ، وتردد أيضا إلى إيلغازي ، وكان ينال قد تزوج هذه الأيام بأخته ، وهي التي كانت زوجة تاج الدولة تتش ، حتى توسط الأمر معه فمضوا إليه ، وحلفوه على الطاعة ، وترك ظلم الرعية ، وكف أصحابه ، ومنعهم ، فحلف ، ولم يقف على اليمين ، ونكث ودام على الظلم وسوء السيرة .

فأرسل الخليفة إلى سيف الدولة صدقة ، وعرفه ما يفعله ينال من نهب الأموال ، وسفك الدماء ، وطلب منه أن يحضر بنفسه ليكف ينال ، فسار من حلته في رمضان ، ووصل بغداذ رابع شوال ، وضرب خيامه بالنجمي ، واجتمع هو وينال ، إيلغازي ، ونواب ديوان الخليفة ، وتقررت القواعد على مال يأخذه ويرحل عن العراق ، فطلب ينال المهلة ، فعاد صدقة عاشر شوال إلى حلته ، وترك ولده دبيسا ببغداذ لمنعه من الظلم والتعدي عما استقر الأمر عليه ، فبقي ينال إلى مستهل ذي القعدة ، وسار إلى أوانا ، فنهب ، وقطع الطريق ، وعسف الناس ، وبالغ في الفعل القبيح ، وأقطع القرى لأصحابه ، فأرسل الخليفة إلى صدقة في ذلك ، فأرسل ألف فارس ، وساروا إليه ومعهم جماعة من أصحاب الخليفة ، وإيلغازي ، شحنة بغداذ ، فلما سمع ينال بقربهم منه عبر دجلة ، وسار إلى باجسرى وشعثها وقصد شهرابان ، فمنعه أهلها ، فقاتلهم ، فقتل بينهم قتلى ، ورحل عنهم ، وسار إلى أذربيجان قاصدا إلى السلطان محمد ، وعاد دبيس بن صدقة ، وإيلغازي ، شحنة بغداذ ، إلى مواضعهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية