الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وبزنا صبي أو مجنون بمكلفة بخلاف عكسه ) أي لا يجب الحد إذا زنى صبي أو مجنون بمكلفة ويجب الحد إذا زنى بالغ بصبية أو مجنونة ; لأن فعل الزنا يتحقق منه وهي محل الفعل ولهذا يسمى هو واطئا وزانيا ، والمرأة موطوءة ومزنيا بها إلا أنها سميت زانية مجازا تسمية للفعل باسم الفاعل كالراضية بمعنى المرضية أو لكونها مسببة بالتمكين فتعلق الحد في حقها بالتمكين من قبيح الزنا وهو فعل من هو مخاطب بالكف عنه مؤثم على مباشرته وفعل الصبي ليس بهذه الصفة فلا يناط به الحد وقد ذكر بعضهم أن كلما انتفى الحد عن الرجل انتفى عن المرأة وهو منقوض بزنا المكره بالمطاوعة ، والمستأمن بالذمية ، والمسلمة فالأولى أن لا تجعل قاعدة ; لأن الحكم في كل موضع بمقتضى الدليل قال في التبيين وعبارات أصحابنا أن فعلها مع الصبي ، والمجنون ليس بزنا يشير إلى أن إحصانها لا يسقط بذلك كما لا يسقط إحصان الصبي ، والمجنون حتى يجب الحد على قاذفهما بعد البلوغ ، والإفاقة وقد قدمنا حكم المهر .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : تسمية للفعل باسم الفاعل ) كذا في النسخ والصواب ما في الفتح تسمية للمفعول ( قوله : أو لكونها مسببة بالتمكين ) عطفه بأو وقد جعله في الفتح بيانا لعلاقة المجاز وعبارته بعد ذكره المجاز لكونها مسببة لزنا الزاني بالتمكين فتعلق الحد حينئذ في حقها بالتمكين من فعل هو زنا والزنا فعل من هو منهي عنه أثم به وفعل الصبي ليس كذلك فلا يناط به الحد . ا هـ .

                                                                                        وبهذه العبارة يتضح كلام المؤلف وفي الفتح بقي أن يقال كون الزنا في اللغة هو الفعل المحرم ممن هو مخاطب ممنوع بل إدخال الرجل قدر حشفته قبل مشتهاة حالا أو ماضيا بلا ملك أو شبهة وكونه بالغا عاقلا لاعتباره موجبا للحد شرعا فقد مكنت من فعل هو زنا لغة ، وإن لم يجب على فاعله حد فالجواب أن هذا يوجب التفصيل بين تمكينها صبيا فلا تحد ومجنونا فتحد ; لأن قولهم وطئ الرجل يخص البالغ لكن لا قائل بالفصل والذي يغلب على الظن من قوة كلام أهل اللغة أنهم لا يسمون فعل المجنون زنا ولو احتمل ذلك فالموضع موضع احتياط في الدرء فلا تحد به . ا هـ . .




                                                                                        الخدمات العلمية