الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 152 ] الفصل الثالث

في لزوم بيان الضاد والظاء ونحوهما إذا التقيا

إذا التقت الضاد المعجمة بالظاء المشالة لزم بيان مخرج كل منهما، سواء أكان بينهما فاصل في الخط أم لم يكن كقوله تعالى: ويوم يعض الظالم على يديه [بالفرقان، الآية: 27] وكقوله سبحانه: أنقض ظهرك [بالانشراح، الآية: 3] وذلك لئلا تختلط إحداهما بالأخرى فتبدل الضاد ظاء أو العكس، وهذا لحن لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة، وفيه تغيير للفظ وإخراج للكلمة عن معناها المراد، وكذلك الحكم في لزوم بيان الضاد المعجمة في الطاء المهملة، ومن التاء المثناة فوق أيضا.

فالأولى في نحو قوله تعالى: فمن اضطر [البقرة: 173] و ثم أضطره [البقرة: 126] و إلا ما اضطررتم إليه [الأنعام: 119].

والثانية في قوله تعالى: فإذا قضيتم [البقرة: 200] وخضتم [التوبة: 69] و عرضتم [البقرة: 235] فقبضت [طه: 96] وذلك لئلا يسبق اللسان إلى إدغامها فيها؛ لأنه الأخف حينئذ، وهو ممنوع بالاتفاق، وكذلك الحكم في لزوم بيان الظاء المشالة من التاء المثناة فوق، نحو قوله تعالى: أوعظت [الشعراء: 136] لئلا يسبق اللسان إلى إدغامها فيها [ ص: 153 ] وهو ممنوع كذلك.

وليس بيان الضاد المعجمة قاصرا على ما ذكر، بل بيانها لازم مطلقا، خصوصا إذا كانت ساكنة نحو " فضلنا " [الإسراء: 21، 55] و وقيضنا [فصلت: 25] و يضلل [الرعد: 33] واخفض جناحك [الشعراء: 215].

ومما يجب مراعاته أيضا تصفية الهاء أي: تخليصها، إذا جاورت هاء أو ياء أو غيرهما، نحو جباههم [التوبة: 35] و " جنوبهم " [التوبة: 35] و " ظهورهم " [التوبة: 35] ونحو عليهم [الفاتحة: 7] و إليهم [آل عمران : 199] و " يزكيهم " [البقرة: 129] وذلك لأن الهاء حرف خفي، ولاتصافها بصفات الضعف كما تقدم، ولذلك قويت بالصلة إذا وقعت ضميرا كقوله تعالى: إن ربه كان به بصيرا [الانشقاق: 15].

وقد أشار إلى ما ذكرناه في هذا الفصل الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله:


وإن تلاقيا البيان لازم أنقض ظهرك يعض الظالم     واضطر مع وعظت مع أفضتم
وصف ها جباههم عليهم

والله تعالى أعلى وأعلم.

[ ص: 154 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية