الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن قال زيد لعمرو : أحلتني بديني على بكر واختلفا في جريان لفظ الحوالة [ فقيل ] يصدق عمرو ، جزم به جماعة ، فلا يقبض زيد من بكر ، لعزله بالإنكار ، وفي طلب [ زيد ] دينه من عمرو وجهان لأن دعواه الحوالة براءة ، وما قبضه وهو قائم لعمرو أخذه ، في الأصح ، والتالف من عمرو ، وقيل [ ص: 261 ] يصدق زيد فيأخذ من بكر ( م 7 ، 8 ) ولو قال زيد : وكلتني ، وقال عمرو : [ ص: 262 ] أحلتك ، فمن رجح في الأولى قول عمرو رجح هنا قول زيد ، ومن رجح في الأولى قول زيد رجح هنا قول عمرو ( م 9 ) وإن اتفقا على قوله أحلتك أو أحلتك بديني ، وقال أحدهما المراد به الوكالة فقيل : يقبل قوله ، وقيل : مدعي الحوالة كقوله أحلتك بدينك . قال شيخنا : والحوالة [ ص: 263 ] على ماله في الديوان إذن في الاستيفاء فقط ، وللمحتال الرجوع ومطالبة [ محيله ] وإحالة من لا دين عليه على من دينه عليه وكالة ، ومن لا دين عليه على مثله وكالة في اقتراض ، وكذا مدين على بريء فلا يصادفه ، نص عليه .

                                                                                                          وفي الموجز والتبصرة إن رضي البريء بالحوالة صار ضامنا يلزمه الأداء .

                                                                                                          [ ص: 261 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 261 ] مسألة 7 و 8 ) قوله : فإن قال زيد لعمرو : أحلتني بديني على بكر ، واختلفا في جريان لفظ الحوالة ، فقيل : يصدق عمرو ، جزم به جماعة ، فلا يقبض زيد من بكر ، لعزله بالإنكار ، وفي طلب دينه من عمرو وجهان ، لأن دعوى الحوالة براءة وما قبضه وهو قائم لعمرو أخذه في الأصح والتالف من عمرو ، وقيل : يصدق زيد فيأخذ من بكر ، انتهى ذكر مسألتين .

                                                                                                          ( المسألة الأولى ) إذا اختلفا في جريان لفظ الحوالة ومعناه هل جرى بينهما لفظ الحوالة أو غيره بدليل عكسها ، وهي المسألة الآتية وبدليل المسألة الرابعة التي تقدم الكلام عليها ، نبه عليه شيخنا ، فإذا قال المحيل وهو عمرو للمحتال وهو زيد : إنما وكلتك في القبض لي بلفظ الوكالة . وقال زيد : بل أحلتني بديني على فلان وهو بكر ، فهل القول قول المحيل وهو عمرو ، أو قول المحتال وهو زيد ؟ فيه وجهان ، أطلقهما المصنف ، وأطلقهما في المغني والشرح .

                                                                                                          ( أحدهما ) القول قول المحيل وهو عمرو ، قدمه في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم ، قال المصنف هنا : جزم به جماعة .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) القول قول مدعي الحوالة وهو زيد ، لأن الظاهر معه ، قدمه ابن رزين في شرحه ، فعلى القول الأول يحلف المحيل ويبقى حقه في ذمة المحال عليه ، قاله في المغني والشرح .

                                                                                                          وقال المصنف هنا تبعا لصاحب الرعاية الكبرى : لا يقبض المحتال وهو زيد من المحال عليه وهو بكر ، لعزله بالإنكار ، وفي طلب دينه من عمرو وهو المحيل وجهان ، وهي : ( المسألة الثانية 8 ) وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفائق .

                                                                                                          ( أحدهما ) له طلبه منه ، لإنكاره الحوالة ، وهو الصحيح ، صححه في المغني والشرح ، وهو الصواب .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) ليس له طلبه ، لأن دعوى الحوالة براءة وهو مدعيها .

                                                                                                          [ ص: 262 ] مسألة 9 ) قوله : ولو قال زيد : وكلتني ، وقال عمرو : أحلتك ، فمن رجح في الأولى قول عمرو رجح هنا قول زيد ، ومن رجح في الأولى قول زيد رجح هنا قول عمرو ، انتهى . فالمصنف قد أطلق الخلاف في المسألة الأولى ، وكذا يكون في هذه ، لكن الترجيح يختلف ، لأنها عكسها ، والله أعلم . وما قاله صحيح ، فقد قطع في الرعاية الصغرى وقدمه في الحاويين والفائق : أن القول في هذه المسألة قول مدعي الوكالة ، وهو زيد ، وفي التي قبلها رجحوا قول عمر ، والله أعلم .

                                                                                                          وتبع المصنف في هذه العبارة ابن حمدان في الرعاية الكبرى فإنه قال : ولو قال زيد : وكلتني ، وقال عمرو : أحلتك ، فمن رجح في الأول قول عمرو رجح هنا قول زيد ، فإذا حلف قبل القبض أنه وكيل رجع على عمرو ، وفي رجوع عمرو على بكر وجهان ، وإن كان قبضه فقد ملكه ، وإن كان تلف بلا تفريط لم يضمنه ويرجع بدينه على عمرو ، ومن رجح في الأول قول زيد رجح هنا قول عمرو ، فلا يرجع عليه ، وإذا حلف أنه أحاله قبض زيد من بكر بالوكالة على قوله ، وبالحوالة [ ص: 263 ] على قول عمرو ، وبرئت ذمتهما ، انتهى . فهذه تسع مسائل قد أطلق فيها الخلاف في هذا الباب . .




                                                                                                          الخدمات العلمية