الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 144 ] كتاب الأمانات من الوديعة والعارية وغيرهما 1 الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاث : 2 - الناظر إذا مات مجهلا غلات الوقف ، 3 - والقاضي إذا مات مجهلا أموال اليتامى عند من أودعها ، [ ص: 145 ] والسلطان إذا أودع بعض الغنيمة عند الغازي ثم مات ولم يبين عند من أودعها .

                هكذا في فتاوى قاضي خان من الوقف ، وفي الخلاصة من الوديعة وذكرها الولوالجي ، 5 - وذكر من الثلاثة أحد المتفاوضين إذا مات ولم يبين حال المال الذي في يده ولم يذكر للقاضي ، فصار المستثنى بالتلفيق أربعا وزدت عليها مسائل : الأولى : الوصي إذا مات مجهلا لما وضعه مالكه فلا ضمان عليه كما في جامع الفصولين .

                الثانية : الأب إذا مات مجهلا مال ابنه ، [ ص: 146 ] ذكره فيها أيضا .

                الثالثة : 7 - إذا مات الوارث مجهلا ما أودع عند مورثه .

                الرابعة : إذا مات مجهلا لما ألقته الريح في بيته .

                الخامسة : 8 - إذا مات مجهلا لما وضعه مالكه في بيته بغير علمه .

                السادسة : 9 - إذا مات الصبي مجهلا لما أودع عنده محجورا .

                وهذه الثلاث في تلخيص الجامع الكبير للخلاطي فصار المستثنى عشرا وقيد بتجهيل الغلة لأن الناظر . 10 -

                إذا مات مجهلا لمال البدل فإنه يضمنه كما في الخانية [ ص: 147 ] ومعنى موته مجهلا أن لا يبين حال الأمانة وكان يعلم أن وارثه لا يعلمها فإن بينها وقال في حياته رددتها . 12 -

                فلا تجهيل إن برهن الوارث على مقالته وإلا لم يقبل قوله ، وإن كان يعلم أن وارثه يعلمها فلا تجهيل ، ولذا قال في البزازية :

                [ ص: 144 ]

                التالي السابق


                [ ص: 144 ] قوله :

                الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلخ .

                قال بعض الفضلاء : وهل من ذلك الزائد في الرهن على قدر الرهن ( انتهى ) .

                أقول : الظاهر أنه منه بدليل أنهم قالوا إن ما تضمن به الوديعة يضمن به الرهن فعلى هذا إذا مات مجهلا يضمن ما زاد فليحفظ .

                وقد أفتى بذلك بعض من عاصرناه من أهل التحرير والفتوى . ( 2 ) قوله :

                الناظر إذا مات مجهلا غلات الوقف ، هذا الحكم منقول في غالب كتب المذهب المعتمدة لكن بحث فيه في أنفع الوسائل فقال : إنه ينبغي أن يفصل فيه فيقال إن حصل طلب المستحقين منه وأخر حتى مات مجهلا ضمن وإن لم يحصل طلب منهم ومات مجهلا ينبغي أيضا أن يقال إن كان محمودا بين الناس معروفا بالديانة والأمانة إنه لا ضمان عليه وإن لم يكن كذلك ومضى الزمان والمال في يده ولم يفرقه ولم يمنعه من ذلك مانع شرعي يضمن ( انتهى ) .

                قال بعض الفضلاء وهو حسن ( انتهى ) .

                وقال بعض الفضلاء ينبغي أن يقال إن مات فجأة لا يضمن بعدم تمكنه من بيانها فلم يكن حابسا لها ظلما وإن مات بمرض ونحوه فإنه يضمن لأنه تمكن من بيانها ولم يبين فكان مانعا ظلما فيضمن ( انتهى ) . ( 3 ) قوله :

                والقاضي إذا مات مجهلا أموال اليتامى إلخ .

                وكذا الغاصب آه ، كما ذكره الكمال في فصل الشهادة على الإرث وكذا المستأجر كما في البزازية في مسائل موت أحد المتعاقدين ومثله في منية المفتي في مسائل موت أحد المتعاقدين .

                أيضا واعلم أن ما ذكره المصنف من أن القاضي إذا مات مجهلا أموال اليتامى يضمن مخالف لما في جامع الفصولين . [ ص: 145 ] قوله :

                والسلطان إذا أودع بعض الغنيمة إلخ .

                وكذا إذا مات مجهلا أموال اليتامى عنده كما في العمادية . ( 5 ) قوله : وذكر من الثلاثة أحد المتفاوضين .

                قال المصنف في كتاب الشركة من البحر : وأما أحد المتفاوضين إذا كان المال عنده ولم يبين حال المال الذي كان عنده فمات ; ذكر بعض الفقهاء أنه يضمن وأحاله إلى شركة الأصل وذلك غلط بل الصحيح أنه لا يضمن نصيب صاحبه كذا في الخانية من الوقف وبه يتبين أن ما في فتح القدير وبعض الفتاوى ضعيف وأن الشريك يكون ضامنا بالموت عن تجهيل عنانا أو مفاوضة ، ومال المضاربة مثل مال الشركة إذا مات المضارب مجهلا لا بد أن يبين أنه مات مجهلا لمال المضاربة أو للمشتري بمالها قال في البزازية بعد نحو ورقتين من نوع من الخامس عشر في أنواع الدعاوى ما نصه في دعوى مال الشركة بسبب الموت مجهلا لا بد أن يبين أنه مات مجهلا لمال الشركة أما المشتري بمالها لا .

                ومال الشركة مضمون بالمثل والمشترى بها مضمون بالقيمة ومثله مال المضاربة إذا مات المضارب مجهلا لمال المضاربة أو للمشترى بمالها وهذا صريح في الضمان فإذا أقر في مرضه أنه ربح ألفا ثم مات من غير بيان لا ضمان إلا إذا أقر بوصولها إليه كما في قاضي خان من كتاب المضاربة . [ ص: 146 ] قوله :

                ذكره فيها أيضا . أي في جامع الفصولين لكن بصيغة قيل وكان الصواب تذكير الضمير . ( 7 ) قوله :

                إذا مات المورث مجهلا ما أودع عند مورثه .

                أقول : لم يعز المصنف هذا إلى كتاب لأنه عزى الأولى والثانية بما عزاه إلى جامع الفصولين والثلاث الأخيرة إلى تلخيص الجامع فبقيت هذه بلا عزو . ( 8 ) قوله : إذا مات مجهلا لما وضعه مالكه في بيته بغير علمه .

                كذا في نسخ هذا الكتاب والصواب بغير أمره كما في شرح الجامع إذ يستحيل تجهيل ما لا يعلمه . ( 9 ) قوله :

                إذا مات الصبي مجهلا إلخ .

                قال في تلخيص الجامع : أودع صبيا محجورا يعقل ابن اثنتي عشرة سنة ومات قبل بلوغه مجهلا لا يجب الضمان ( انتهى ) .

                وعلل في الوجيز شرح الجامع الكبير عدم ضمانه بأنه لم يلتزم الحفظ ثم قال وإن بلغ ثم مات فكذلك ، إلا أن يشهدوا أنها في يده بعد البلوغ لزوال المانع وهو الصبا ، والمعتوه كالصبي في ذلك فإن كان مأذونا لهما في ذلك ثم مات قبل البلوغ والإفاقة ضمنا ( انتهى ) .

                وبما نقلناه عن تلخيص الجامع يظهر ما في عبارة المصنف من الخلل . ( 10 ) قوله :

                إذا مات مجهلا لمال البدل إلخ .

                بالدال المهملة ثمن أرض الوقف إذا باعها بمسوغ الاستبدال كما صرح به في الخانية قيد بالتجهيل إذ لو علم ضياعه لا يضمن .

                قال في البحر نقلا عن المحيط لو ضاع الثمن من المستبدل لا ضمان عليه وفي [ ص: 147 ] الذخيرة إن المال في يد المستبدل أمانة لا يضمن لضياعه ( انتهى ) .

                وإنما ضمن بالموت عن تجهيل لأنه الأصل في الأمانات إذا حصل الموت فيها عن تجهيل فافهم .

                ويستفاد من قولهم إذا مات مجهلا لمال البدل يضمنه .

                جواب واقعة الفتوى وهي أن المتولي إذا مات مجهلا لعين الوقف كما إذا كان الوقف دراهم أو دنانير على القول بجوازه وعليه عمل الروم أن يكون ضامنا له لأنه إذا كان يضمن بتجهيل مال البدل فبتجهيل عين الوقف أولى .

                كذا في منح الغفار مع زيادة إيضاح .

                ( 11 ) قوله : ومعنى موته مجهلا أن لا يبين حال الأمانة إلخ .

                سئل أخو المؤلف العلامة عمر بن نجيم عما لو قال المريض : عندي ورقة بالحانوت لفلان ضمنها دراهم لا أعرف قدرها فمات ولم توجد فأجاب بأن هذا من التجهيل لقوله في البدائع هو أن يموت قبل البيان ولم يعرف الأمانة بعينها ( انتهى ) .

                وفيه تأمل .

                ( 12 ) قوله : فلا تجهيل إن برهن الوارث على مقالته .

                قال في جامع الفتاوى في الوديعة : لو قال وارثه زادها في حياته أو تلفت في حياته لم يصدق بلا بينة لكونه مات مجهلا فتقرر الضمان ولو برهنوا على أحدهما تقبل ولا ضمان عليهم لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة .

                كذا في جامع الفصولين وفي جامع الفتاوى : وارث المودع بعد موته إذا قال ضاعت الوديعة فإن كان هذا الوارث في عياله حين كان مودعا يصدق وإن لم يكن في عياله لا ( انتهى )




                الخدمات العلمية