الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6053 5 حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو المنذر الطفاوي ، عن سليمان الأعمش ، قال : حدثني مجاهد ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي فقال : كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل . وكان ابن عمر يقول : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، لأنها جزء حديث الباب ، وعلي بن عبد الله هو ابن المديني ، والطفاوي بضم الطاء المهملة وتخفيف الفاء وبالواو نسبة إلى طفاوة ، والطفاوة موضع بالبصرة .

                                                                                                                                                                                  قلت : يحتمل أن بني طفاوة نزلوا فيه فسموا به ، وأنكر العقيلي قوله حدثني مجاهد قال : وإنما رواه الأعمش بصيغة عن مجاهد ، كذلك رواه أصحاب الأعمش عنه ، وكذا أصحاب الطفاوي عنه ، وتفرد ابن المديني بالتصريح قال : ولم يسمعه الأعمش من مجاهد ، وإنما سمعه من ليث بن أبي سليم عنه فدلسه ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق حسن بن قزعة حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، عن الأعمش ، عن مجاهد بالعنعنة ، وأخرجه أحمد والترمذي من طريق سفيان الثوري ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بمنكبي " بكسر الكاف مجمع العضد والكتف ، ويروى بالتثنية ، وفي رواية الترمذي : أخذ ببعض جسدي ، ورواية البخاري تعين هذا المبهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كأنك غريب " هذه كلمة جامعة لأنواع النصائح إذ الغريب لقلة معرفته بالناس قليل الحسد والعداوة والحقد والنفاق والنزاع ، وسائر الرذائل منشؤها الاختلاط بالخلائق ، ولقلة إقامته قليل الدار والبستان والمزرعة والأهل والعيال وسائر العلائق التي هي منشأ الاشتغال عن الخالق .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أو عابر سبيل " كلمة أو للتنويع لا لشك الراوي ، قيل : الغريب هو عابر سبيل فما وجه العطف عليه ؟ وأجيب بأن العبور لا يستلزم الغربة والمبالغة فيه أكثر ; لأن تعلقاته أقل من تعلقات الغريب وهو من باب عطف العام على الخاص .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول " في رواية ليث بن سليم : فقال لي ابن عمر : إذا أمسيت " إلى آخره ، .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وخذ من صحتك " أي : خذ بعض أوقات صحتك لوقت مرضك ، يعني اشتغل في الصحة بالطاعات بقدر ما لو وقع في المرض تقصير يقعدك بها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ومن حياتك " : أي : وخذ من حياتك لموتك ، يعني اغتنم أيام حياتك لا تمر عنك باطلة في سهو وغفلة ; لأن من مات فقد انقطع عمله وفاته أمله .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية