الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل بن عبد الرحمن المؤذن يقول لسعيد بن المسيب إني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله ثم أريد أن أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل فقال له سعيد أتريد أن توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت فقال نعم فنهاه عن ذلك قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه من اشترى طعاما برا أو شعيرا أو سلتا أو ذرة أو دخنا أو شيئا من الحبوب القطنية أو شيئا مما يشبه القطنية مما تجب فيه الزكاة أو شيئا من الأدم كلها الزيت والسمن والعسل والخل والجبن والشيرق واللبن وما أشبه ذلك من الأدم فإن المبتاع لا يبيع شيئا من ذلك حتى يقبضه ويستوفيه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1341 1327 - ( مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل ) بفتح الجيم وكسر الميم وإسكان [ ص: 435 ] التحتية ولام ( ابن عبد الرحمن ) المؤذن المدني أمه من ذرية سعد القرظ وكان يؤذن وسمع ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وعنه مالك بواسطة يحيى وبلال واسطة ، والصواب أن اسم أبيه عبد الرحمن كما هنا ، وقيل اسمه عبد الله بن سويد أو سوادة ذكره ابن الحذاء ( يقول لسعيد بن المسيب : إني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى ) بتحتية أو فوقية ( الناس ) بالرفع نائب فاعل يعطى بتحتية والنصب على أنه المفعول الثاني لتعطى بفوقية ونائب الفاعل ضمير هي الناس ( بالجار ) بجيم محل معلوم بالساحل ( ما شاء الله ) في الذمة بدليل قوله : ( ثم أريد أن أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل ، فقال له سعيد : أتريد أن توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت ؟ فقال نعم ، فنهاه عن ذلك ) زاد غير يحيى في الموطأ قال مالك : وذلك رأيي أي خوفا من التساهل في ذلك حتى يشترط القبض من ذلك الطعام أو بيعه قبل أن يستوفيه ، فمنع من ذلك للذريعة التي يخاف منها التطرق إلى المحذور وإن قلت قاله البوني .

                                                                                                          ( قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه ) تأكيد لما قبله ( أنه من اشترى طعاما برا أو شعيرا أو سلتا أو ذرة ) بذال معجمة ( أو دخنا ) بمهملة ( أو شيئا من الحبوب القطنية ) السبعة ( أو شيئا مما يشبه القطنية مما تجب فيه الزكاة ) كتمر وزبيب وزيتون ( أو شيئا من الأدم ) بضمتين جمع إدام بزنة كتاب وكتب ، ودليل أنه بلفظ الجمع توكيده بقوله : ( كلها ) دون كله ( الزيت والسمن والعسل والخل والجبن ) بضم الجيم وسكون الباء على الأجود وضمها للإتباع والتثقيل وهي أقلها ومنهم من خصه بالشعر ( واللبن والشيرق ) بتحتية وموحدة بدلها نسختان دهن السمسم ، قال البوني : وهو السيرج أيضا بالجيم ( وما أشبه ذلك من الأدم فإن المبتاع لا يبيع شيئا من ذلك حتى يقبضه ويستوفيه ) عملا بعموم الحديث فإنه شامل للطعام الربوي وغيره ، وجمع بينهما للإشارة إلى أن الروايتين بمعنى [ ص: 436 ] واحد ، ولأن كل رواية أفادت معنى لأنه قد يستوفيه بالكيل بأن يكيله البائع ولا يقبضه المشتري بل يحبسه عنده لينقده الثمن مثلا ، أو أن الاستيفاء أكثر معنى من القبض لأنه إذا قبض البعض وحبس البعض لأجل الثمن صدق عليه القبض في الجملة بخلاف الاستيفاء .




                                                                                                          الخدمات العلمية