الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( السادس ) من توضأ ثم قطعت يده أو بضعة لحم من أعضاء وضوئه أو قشر منها جلدة أو قشرة لم يجب عليه غسل موضع القطع ولا ما ظهر من تحت الجلد . قاله غير واحد من أهل المذهب ، وقال اللخمي : لو قطعت يده أو بضعة من مواضع الوضوء بعد أن توضأ لغسل ما ظهر بعد ذلك أو مسحه إن كان له عذر في غسله انتهى . ورد عليه ذلك صاحب الطراز فقال وهذا فاسد فإن القاضي عبد الوهاب احتج في مسألة حلق الرأس بزوال بعض الأعضاء بعد الوضوء ، ولا يصلح الاحتجاج إلا بمتفق عليه ، ولا يعرف عن أحد أنه إذا غسل العضو ثم ظهر شيء من باطنه وجب غسله في تلك الطهارة ، ونحن نقطع بأن الصحابة كانت تلحقهم الجراح ويصلون بحالهم ولا يعرف أن أحدا طهر جرحه لمكان وضوئه أو غسله ، وفي صحيح البخاري أنه رمي رجل بسهم في الصلاة فنزفه الدم فمضى في صلاته انتهى . ونقله في الذخيرة وقبله ، وذكر المصنف في التوضيح كلام اللخمي ولم يعزه له بل ذكره بلفظ قيل : وأما من قطعت منه بضعة لحم بعد الوضوء فإنه يغسل موضع القطع أو يمسحه إن تعذر غسله ورده سند بأن الصحابة كانوا يجرحون ثم يصلون بلا إعادة انتهى . فكأنه لم يرتض كلام اللخمي ، وقال ابن عرفة بعد ذكره كلام المدونة في مسألة حلق الشعر وتقليم الأظفار : فإيجاب اللخمي عمن قطعت يده أو بضعة منها غسل ما ظهر أو مسحه إن شق حلاقها . وخطأ الطراز يخرجه على مسح الرأس انتهى . وتبعه ابن ناجي فقال : وأوجب اللخمي على من قطعت يده أو بضعة منها غسل ما ظهر أو مسحه إن شق قيل : وهو خلاف المدونة ثم ذكر رد صاحب الطراز عليه ثم قال : وعزا شيخنا البرزلي ما نسب للمدونة لابن عمران الفاسي انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب وكذلك تقليم الأظفار لا يغسل موضعها قال أبو الحسن الصغير : وكذلك الشارب والبضعة والشوكة إذا قطع عنها واللحية إذا حلقت ثم ذكر كلام اللخمي المتقدم ، ورد صاحب الطراز عليه ثم قال الشيخ تقي الدين ومثله الجلد إذا كشط قال أبو الحسن : وهذا من التعمق والغلو ، وقال في ألغازه فيمن توضأ ثم قشر قشرة .

                                                                                                                            ( فإن قلت ) رجل صلى بلمعة في أعضاء وضوئه لم يصبها الماء وهو صحيح الجسد ولا إعادة عليه على المشهور ( قلت ) هذا فيمن توضأ ثم قشر قشرة من يده بعد الوضوء أو قطعت يده بعد الوضوء فلا يلزمه غسل موضع القطع ولا موضع القشر على المشهور . ذكره أبو الحسن الطيبي في طرره على التهذيب وذكره أبو علي بن قداح في القشرة انتهى . وذكر البرزلي في مسائل الطهارة عن ابن قداح فيمن اغتسل ثم قشر جلدة من بثرة أو جرب أنه لا شيء عليه . قال البرزلي : وتقدم للخمي خلافه انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) فتحصل من هذا أن من توضأ أو اغتسل ثم قشر قشرة من جلده أو جرح أو بثرة أو قطع قطعة لحم [ ص: 218 ] من أعضاء وضوئه أو غسله أو قطعت يده أو نحو ذلك لم يلزمه غسل ما ظهر من ذلك ، ولا غسل موضع القطع ولا موضع القشرة ، خلافا للخمي والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ( السابع ) قال ابن ناجي في شرح هذه المسألة من المدونة : وأما ما ينبت بإزاء الظفر الذي يسمى بالسيف فلا يجب غسل محله إذا زال ، بذلك أفتى شيخنا الشبيبي وقال للسائل : بهذا قال صاحب هذه الدار يعني ابن أبي زيد إذ سئل عن ذلك عند دار الشيخ المذكور المدفون بها نفعنا الله ببركاته ، وقول اللخمي لا يجيز في هذه لندور مسألته وكثرة وقوع مسألتنا والله تعالى أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية