الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( ظلم ) الظاء واللام والميم أصلان صحيحان ، أحدهما خلاف الضياء والنور ، والآخر وضع الشيء غير موضعه تعديا .

                                                          فالأول الظلمة ، والجمع ظلمات . والظلام : اسم الظلمة ; وقد أظلم المكان إظلاما . ومن هذا الباب ما حكاه الخليل من قولهم : لقيته أول ذي ظلمة . قال : وهو أول شيء سد بصرك في الرؤية ، لا يشتق منه فعل . ومن هذا قولهم : لقيته أدنى ظلم ، للقريب . ويقولونه بألفاظ أخر مركبة من الظاء واللام والميم ، وأصل ذلك الظلمة ، كأنهم يجعلون الشخص ظلمة في التشبيه ، وذلك كتسميتهم الشخص سوادا . فعلى هذا يحمل الباب ، وهو من غريب ما يحمل عليه كلامهم .

                                                          والأصل الآخر : ظلمه يظلمه ظلما . والأصل : وضع الشيء [ في ] غير موضعه ; ألا تراهم يقولون : " من أشبه [ أباه ] فما ظلم " ، أي ما وضع الشبه غير موضعه . قال كعب :


                                                          أنا ابن الذي لم يخزني في حياته قديما ومن يشبه أباه فما ظلم

                                                          [ ص: 469 ] ويقال ظلمت فلانا : نسبته إلى الظلم . وظلمت فلانا فاظلم وانظلم ، إذا احتمل الظلم . وأنشد بيت زهير :


                                                          هو الجواد الذي يعطيك نائله     عفوا ويظلم أحيانا فيظلم

                                                          بالظاء والطاء . والأرض المظلومة : التي لم تحفر قط ثم حفرت ; وذلك التراب ظليم . قال :


                                                          فأصبح في غبراء بعد إشاحة     على العيش مردود عليها ظليمها

                                                          وإذا نحر البعير من غير علة فقد ظلم . ومنه قوله :


                                                          عاد الأذلة في دار وكان بها     هرت الشقاشق ظلامون للجزر

                                                          والظلامة : ما تطلبه من مظلمتك عند الظالم . ويقال : سقانا ظليمة طيبة . وقد ظلم وطبه ، إذا سقى منه قبل أن يروب ويخرج زبده . ويقال لذلك اللبن : ظليم أيضا . قال :


                                                          وقائلة ظلمت لكم سقائي     وهل يخفى على العكد الظليم

                                                          والله أعلم بالصواب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية