الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6133 85 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة يمكن أن توجه من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في هذا الحديث بأن الناس كثيرون والمرضي فيهم قليل بمنزلة الراحلة في الإبل المائة ، وغير المرضي هم الذين ضيعوا الفرائض التي عليهم ، وقد ذكرنا أن ابن عباس فسر الأمانة بالفرائض فمن هذه الحيثية تحصل المطابقة بين الترجمة والحديث .

                                                                                                                                                                                  وأبو اليمان الحكم بن نافع . والحديث بهذا الإسناد من أفراده وفي رواية مسلم من طريق معمر عن الزهري " تجدون الناس كإبل مائة لا يجد الرجل فيها راحلة " .

                                                                                                                                                                                  واختلفوا في معنى هذا الحديث فقيل : إنما يراد به القرون المذمومة في آخر الزمان ، ولذلك ذكره البخاري هنا ولم يرد به صلى الله تعالى عليه وسلم زمن أصحابه وتابعيهم ، لأنه قد شهد لهم بالفضل ، فقال : " خير القرون " الحديث ، ونقل الكرماني هذا في شرحه بقوله : وقال بعضهم المراد به القرون المذمومة إلى آخر ما ذكرناه ، وقال بعضهم : نقل الكرماني هذا عن مغلطاي ظنا منه أنه كلامه لكونه لم يعزه . قلت : لم يقل الكرماني إلا قال بعضهم ، ولم يذكر لفظ مغلطاي أصلا ، فلا يحتاج إلى ذكره بما فيه من سوء الأدب ونسبة الظن إليه ، وبعض الظن إثم . وقيل : يحتمل أن يريد كل الناس ، فلا يكون مؤمن إلا في مائة أو أكثر . وقيل : إن الناس في أحكام الدين سواء لا فضل فيها لشريف على مشروف ولا لرفيع على وضيع كالإبل المائة التي لا تكون فيها راحلة . وقيل : إن أكثر الناس أهل نقص وأهل الفضل عددهم قليل بمنزلة الراحلة في الإبل الحمولة ، قال الله تعالى : ولكن أكثر الناس لا يعلمون وقوله : ولكن أكثرهم يجهلون وقال القرطبي : الذي يناسب التمثيل أن الرجل الجواد الذي يتحمل أثقال الناس والحمالات عنهم ويكشف كربهم عزيز الوجود كالراحلة في الإبل الكثيرة .

                                                                                                                                                                                  قلت : الأنسب من كل الأقوال هو القول الذي ذكرناه أولا ، وفيه أيضا مطابقة الحديث للترجمة كما ذكرناه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كالإبل المائة " وصف لفظ الإبل الذي هو مفرد بقوله " المائة " لأن العرب يقول للمائة من الإبل ، ويقال : لفلان إبل ، أي : مائة من الإبل ، وإبلان إذا كان له مائتان . قوله : " راحلة " هي النجيبة المختارة الكاملة الأوصاف الحسنة المنظر . وقيل : الراحلة الجمل النجيب والهاء للمبالغة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية