الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
الوجه السادس عشر من وجوه إعجازه (الاستدلال بمنطوقه أو بمفهومه) وهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق، فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره فالنص، نحو: فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ، وقد نقل عن قوم من المتكلمين أنهم قالوا بندور النص جدا في الكتاب والسنة. وقد بالغ إمام الحرمين وغيره في الرد عليهم، قال: لأن الغرض من النص الاستقلال بإفادة المعنى على قطع، مع انحسام جهات التأويل والاحتمال، وهذا وإن عز حصوله بوضع الصيغ ردا إلى اللغة فما أكثره مع القرائن الحالية والمقالية. انتهى. أو مع احتمال غيره احتمالا مرجوحا، فالظاهر، نحو: فمن اضطر غير باغ ولا عاد . فإن الباغي يطلق على الجاهل وعلى الظالم، وهو فيه أظهر وأغلب. ونحو: ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فإنه يقال الانقطاع ظاهره الوضوء والغسل، وهو في الظاهر أظهر. وإن حمل على المرجوح لدليل فهو تأويل، ويسمى المرجوح المحمول عليه مؤولا، وهو كقوله: وهو معكم أين ما كنتم ، فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات، فتعين صرفه عن ذلك، وحمله على القدرة والعلم، أو على الحفظ والرعاية. [ ص: 170 ] وكقوله: واخفض لهما جناح الذل من الرحمة . على الظاهر، لاستحالة أن يكون للإنسان أجنحة، فيحمل على الخضوع وحسن الخلق. وقد يكون مشتركا بين حقيقتين أو حقيقة ومجاز ويصلح حمله عليهما جميعا. فيحمل عليهما سواء، فلهذا قلنا هل يجوز استعمال اللفظ في معنييه أم لا، ووجهه على هذا أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين: مرة أريد هذا، ومرة أريد هذا ومن أمثلته أيضا: ولا يضار كاتب ولا شهيد ، فإنه يحتمل ولا يضار الكاتب والشهيد صاحب الحق بجور في الكتابة والشهادة، ولا يضارر - بالفتح: أي لا يضرهما صاحب الحق بإلزام ما لا يلزم وإجبارهما على الكتابة والشهادة. ثم إن توقفت صحة دلالة اللفظ على إضمار سميت دلالة اقتضاء، نحو: واسأل القرية ، أي أهلها، وإن لم تتوقف ودل اللفظ على ما لم يقصد به سميت دلالة إشارة، كدلالة قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - على صحة صوم من أصبح جنبا، إذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنبا في جزء من النهار. وقد حكي هذا الاستنباط عن محمد بن كعب القرظي.

التالي السابق


الخدمات العلمية