الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ الإعجاز في النظم والإعراب ]

                                                      ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله معجز ، لأن العرب عجزوا عن معارضته . واختلفوا في سببه هل كان لكونه معجزا أو لمنع الله إياهم عن ذلك مع قدرتهم عليه ، وهو المسمى بالصرف ؟ على قولين : [ ص: 184 ] والثاني : قول المعتزلة . والأول : قول الجمهور . وقيل : الإعجاز لخروجه عن سائر أساليب العرب فزادهم أسلوبا لم يكن فيما بينهم في لغتهم ، لأنها محصورة في الرجز ، والشعر ، والرسالة ، والخط ، ومنظوم الكلام ومنثوره ، والقرآن خارج عن ذلك ، فجرى مجرى إحياء الموتى في زمن عيسى ، لأن في وقته كان الأطباء يدعون تصحيح المرضى ، ولم يكن دعوى إحياء الموتى فزاد عليهم إحياء الموتى ، وكذلك عصا موسى .

                                                      وقيل : الإعجاز في بلاغته وجزالته وفصاحته المجاوزة لحدود جزالة كلام العرب .

                                                      قال إمام الحرمين في " الأساليب " : والمختار : أن الإعجاز في جزالته مع أسلوبه الخارج عن أساليب كلام العرب ، والجزالة والأسلوب معا متعلقان بالألفاظ ، والمعنى في حكم الشائع للفظ ، واللفظ هو المتبوع ، ومن ثم لا تقوم ترجمة القرآن مقامه في إقامة فرض الصلاة خلافا للحنفية ، واختار ابن السمعاني في " القواطع " نحوه .

                                                      وحكي عن الجاحظ أن الإعجاز منع الخلق عن الإتيان به ، وليس هذا قول الصرفة المعزو إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري والمعتزلة . فإن قول الصارفة معناه : أن قواهم كانت مجبولة على الإتيان بمثله ، ثم سلبهم الله تلك القوة ، فصاروا عاجزين ، والإعجاز حاصل بهذا حصول ابتداء ، لأن سلب الإنسان قدرته أعجز له وأبلغ من تحديه بما لم يقدر عليه .

                                                      وقيل : الإعجاز فيه غرابة النظم مع الإخبار عن الغيب وإتيانه بقصص الأولين والآخرين .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية