الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 289 ] ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا

هؤلاء هم بنو حارثة وبنو سلمة وهم الذين قال فريق منهم إن بيوتنا عورة واستأذن النبيء - صلى الله عليه وسلم - ، أي كانوا يوم أحد جبنوا ثم تابوا وعاهدوا النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنهم لا يولون الأدبار في غزوة بعدها ، وهم الذين نزل فيهم قوله تعالى : إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما ; فطرأ على نفر من بني حارثة نفاق وضعف في الإيمان فذكرهم الله بذلك وأراهم أن منهم فريقا قلبا لا يرعى عهدا ولا يستقر لهم اعتقاد وأن ذلك لضعف يقينهم وغلبة الجبن عليهم حتى يدعوهم إلى نبذ عهد الله . وهذا تنبيه للقبيلين ليزجروا من نكث منهم .

وتأكيد هذا الخبر بلام القسم وحرف التحقيق وفعل كان ، مع أن الكلام موجه إلى المؤمنين تنزيلا للسامعين منزلة من يتردد في أنهم عاهدوا الله على الثبات .

وزيادة من قبل للإشارة إلى أن ذلك العهد قديم مستقر وهو عهد يوم أحد .

وجملة لا يولون الأدبار بيان لجملة عاهدوا .

والتولية : التوجه بالشيء وهي مشتقة من الولي وهو القرب ، قال تعالى : فول وجهك شطر المسجد الحرام .

والأدبار : الظهور . وتولية الأدبار : كناية عن الفرار فإن الذي استأذنوا لأجله في غزوة الخندق أرادوا منه الفرار ألا ترى قوله إن يريدون إلا فرارا ، والفرار مما عاهدوا الله على تركه .

وجملة وكان عهد الله مسئولا تذييل لجملة ولقد كانوا عاهدوا إلخ . والمراد بعهد الله : كل عهد يوثقه الإنسان مع ربه .

والمسئول : كناية عن المحاسب عليه كقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - : وكلكم مسئول عن رعيته ، وكما تقدم آنفا عند قوله ليسأل الصادقين عن صدقهم . وهذا تهديد .

التالي السابق


الخدمات العلمية