الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير

                                                                                                                                                                                                                                      والله خلق كل دابة أي : كل حيوان يدب على الأرض ، وقرئ : "خالق كل دابة" بالإضافة . من ماء وهو جزء مادته ، أو ماء مخصوص وهو النطفة ، فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكل لأن من الحيوانات ما يتولد لا عن نطفة ، وقيل : "من ماء" متعلق بدابة وليس صلة الخلق .

                                                                                                                                                                                                                                      فمنهم من يمشي على بطنه كالحية ، وتسمية حركتها مشيا مع كونها زحفا بطريق الاستعارة أو المشاكلة . ومنهم من يمشي على رجلين كالإنس والطير ومنهم من يمشي على أربع كالنعم والوحش ، وعدم التعريض لما يمشي على أكثر من أربع كالعناكب ونحوها من الحشرات لعدم الاعتداد بها . وتذكير الضمير في "منهم" لتغليب العقلاء ، والتعبير عن الأصناف بكلمة "من" ليوافق التفصيل الإجمال ، والترتيب لتقديم ما هو أعرف في القدرة .

                                                                                                                                                                                                                                      يخلق الله ما يشاء مما ذكر ومما لم يذكر بسيطا كان أو مركبا على ما يشاء من الصور والأعضاء [ ص: 186 ] والهيئات والحركات والطبائع والقوى والأفاعيل مع اتحاد العنصر . وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتفخيم شأن الخلق المذكور والإيذان بأنه من أحكام الألوهية .

                                                                                                                                                                                                                                      إن الله على كل شيء قدير فيفعل ما يشاء كما يشاء ، وإظهار الجلالة لما ذكر مع تأكيد استقلال الاستئناف التعليلي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية