الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وفيها فيمن حلف ) بالله ( لا يطأ ) زوجته أكثر من أربعة أشهر ( واستثنى ) بإن شاء الله أنه ( مول ) وله الوطء بلا كفارة واستشكل من وجهين : أحدهما : أن الاستثناء حل لليمين فكيف يكون معه موليا والثاني كيف يكون موليا ويطأ من غير كفارة ( وحملت ) لدفع الإشكال الأول ( على ما إذا رفع ) للحاكم ( ولم تصدقه ) أنه أراد بالاستثناء حل اليمين بقرينة امتناعه من الوطء ( وأورد ) على هذا الجواب قول الإمام أيضا ( لو ) حلف لا يطؤها ثم ( كفر عنها ) أي عن يمين الإيلاء ولم يطأ بعد الكفارة ( ولم تصدقه ) في أن الكفارة عنها ، وإنما هي عن يمين أخرى بقرينة امتناعه من الوطء ، وأن القول قوله ، وتنحل الإيلاء عنه فما الفرق بينهما ( وفرق ) بينها ( بشدة المال ) على النفس في الثانية ، وهو الكفارة وخفة الاستثناء في الأولى ; فلذا كان القول له في الثانية دون الأولى

[ ص: 439 ] ( وبأن الاستثناء ) في الأولى ( يحتمل غير الحل ) احتمالا ظاهرا ; فلذا لم يصدق في إرادة حل اليمين ، والكفارة في الثانية وإن احتملت يمينا أخرى لكن احتمالا غير ظاهر

التالي السابق


[ درس ] ( باب ) ( قوله : واستثنى بإن شاء الله ) أي وامتنع من وطئها ( قوله : أنه مول ) أي يضرب له أجل الإيلاء وقوله : وله الوطء أي وإذا طولب بالفيئة بعد الأجل كان له الوطء وإذا وطئ فلا كفارة عليه ( قوله : فكيف يكون معه موليا ) مع أن مقتضى كون الاستثناء حلا لليمين أنه إذا امتنع من الوطء يطلق عليه حالا للضرر ولا يضرب له أجل الإيلاء ( قوله : كيف يكون موليا ويطأ من غير كفارة ) مع أن مقتضى كونه موليا أنه إذا وطئ يكفر لانحلال يمينه بالحنث ( قوله : وحملت ) أي وحمل كلام الإمام في المدونة لأجل دفع الإشكال الأول ، وإنما تعرض المصنف لدفعه ; لأنه هو الذي أشار له دون الثاني ( قوله : على ما إذا رفع للحاكم ) أي على ما إذا رفعته الزوجة للحاكم ولم تصدقه على أنه أراد بالاستثناء حل اليمين وإنما أراد التبرك والتأكيد بقرينة امتناعه من الوطء فإنه يدل على أنه لم يرد حل اليمين وأما المفتي فيصدقه في إرادة حل اليمين فلا يفتيه بلحوق الإيلاء وحينئذ فيطلق عليه حالا إذا امتنع من الوطء ( قوله : وأن القول قوله : ) أي في أن الكفارة عن هذا الإيلاء .

( قوله : وتنحل الإيلاء عنه ) أي فلا يطالب بفيئة وإذا استمر على الامتناع من الوطء طلق عليه حالا للضرر ( قوله : فما الفرق بينهما ) أي وهلا سوى بين المسألتين إما بحكم هذه أو بحكم هذه ( قوله : وفرق بشدة المال ) حاصله أن المكفر في الثانية أتى بأشد الأمور على النفس ، وهو إخراج المال فكان أقوى في رفع التهمة فلذا قبل قوله : بخلاف الاستثناء في الأولى فليس شديدا على النفس بل مجرد لفظ لا كلفة فيه فلا يكون رافعا للتهمة فلذا لم يقبل قوله

[ ص: 439 ] قوله وبأن الاستثناء إلخ ) حاصله أن الاستثناء يحتمل حل اليمين ، ويحتمل أنه أراد به التبرك والتأكيد فلذا لم يصدق في إرادة حل اليمين ، وأما الكفارة التي هي إخراج المال فلا يحتمل غير حل اليمين بلا شك ، واحتمال كون الكفارة ليمين أخرى بعيد ; لأن الأصل عدم يمين ثانية فالتهمة في الكفارة بعيدة




الخدمات العلمية