nindex.php?page=treesubj&link=29625_28785والله تعالى لا يوصف بالإجبار بهذا الاعتبار ، لأنه سبحانه خالق الإرادة والمراد ، قادر على أن يجعله مختارا بخلاف غيره . ولهذا جاء في ألفاظ الشارع . " الجبل " دون " الجبر " ، كما قال صلى الله عليه وسلم
لأشج عبد القيس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964505إن فيك لخلتين يحبهما الله : الحلم والأناة فقال : أخلقين تخلقت بهما ؟ أم خلقين جبلت عليهما ؟ فقال : بل خلقين جبلت عليهما فقال : الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله [ ورسوله ] . والله تعالى
[ ص: 652 ] إنما يعذب عبده على فعله الاختياري .
nindex.php?page=treesubj&link=28785والفرق بين العقاب على الفعل الاختياري وغير الاختياري مستقر في الفطر والعقول .
وإذا قيل : خلق الفعل مع العقوبة عليه ظلم ؟ ! كان بمنزلة أن يقال . خلق أكل السم ثم حصول الموت به ظلم ! ! فكما أن هذا سبب للموت ، فهذا سبب للعقوبة ، ولا ظلم فيهما .
فالحاصل : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28785فعل العبد فعل له حقيقة ، ولكنه مخلوق لله تعالى ، ومفعول لله تعالى ، ليس هو نفس فعل الله . ففرق بين الفعل والمفعول ، والخلق والمخلوق . وإلى هذا المعنى أشار الشيخ رحمه الله بقوله : وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد - أثبت للعباد فعلا وكسبا ، وأضاف الخلق لله تعالى . والكسب : هو الفعل الذي يعود على فاعله منه نفع أو ضرر ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت [ البقرة : 286 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=29625_28785وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْإِجْبَارِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الْإِرَادَةِ وَالْمُرَادِ ، قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ مُخْتَارًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ . وَلِهَذَا جَاءَ فِي أَلْفَاظِ الشَّارِعِ . " الْجَبْلُ " دُونَ " الْجَبْرِ " ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964505إِنِّ فِيكَ لَخِلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ : الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ فَقَالَ : أَخُلُقَيْنِ تَخَلَّقْتُ بِهِمَا ؟ أَمْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتُ عَلَيْهِمَا ؟ فَقَالَ : بَلْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ [ وَرَسُولُهُ ] . وَاللَّهُ تَعَالَى
[ ص: 652 ] إِنَّمَا يُعَذِّبُ عَبْدَهُ عَلَى فِعْلِهِ الِاخْتِيَارِيِّ .
nindex.php?page=treesubj&link=28785وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعِقَابِ عَلَى الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ وَغَيْرِ الِاخْتِيَارِيِّ مُسْتَقِرٌّ فِي الْفِطَرِ وَالْعُقُولِ .
وَإِذَا قِيلَ : خَلْقُ الْفِعْلِ مَعَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ ظُلْمٌ ؟ ! كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ . خَلْقُ أَكْلِ السُّمِّ ثُمَّ حُصُولُ الْمَوْتِ بِهِ ظُلْمٌ ! ! فَكَمَا أَنَّ هَذَا سَبَبٌ لِلْمَوْتِ ، فَهَذَا سَبَبٌ لِلْعُقُوبَةِ ، وَلَا ظُلْمَ فِيهِمَا .
فَالْحَاصِلُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785فِعْلَ الْعَبْدِ فِعْلٌ لَهُ حَقِيقَةً ، وَلَكِنَّهُ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَمَفْعُولٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، لَيْسَ هُوَ نَفْسُ فِعْلِ اللَّهِ . فَفَرْقٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ ، وَالْخَلْقِ وَالْمَخْلُوقِ . وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : وَأَفْعَالُ الْعِبَادِ خَلْقُ اللَّهِ وَكَسْبٌ مِنَ الْعِبَادِ - أَثْبَتَ لِلْعِبَادِ فِعْلًا وَكَسْبًا ، وَأَضَافَ الْخَلْقَ لِلَّهِ تَعَالَى . وَالْكَسْبُ : هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَعُودُ عَلَى فَاعِلِهِ مِنْهُ نَفْعٌ أَوْ ضَرَرٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ [ الْبَقَرَةِ : 286 ] .