الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة الثالثة ]

[ من مات ولم يقض ]

وأما إذا مات وعليه صوم فإن قوما قالوا : لا يصوم أحد عن أحد . وقوم قالوا يصوم عنه وليه .

والذين لم يوجبوا الصوم قالوا : يطعم عنه وليه ، وبه قال الشافعي . وقال بعضهم : لا صيام ولا إطعام إلا أن يوصي به ، وهو قول مالك . وقال أبو حنيفة : يصوم ، فإن لم يستطع أطعم ، وفرق قوم بين النذر والصيام المفروض ، فقالوا : يصوم عنه وليه في النذر ، ولا يصوم في الصيام المفروض .

والسبب في اختلافهم : معارضة القياس للأثر ، وذلك أنه ثبت عنه من حديث عائشة أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " من مات وعليه صيام صامه عنه وليه " خرجه مسلم ، وثبت عنه أيضا من حديث ابن عباس أنه قال : " جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها ؟ فقال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال نعم ، قال : فدين الله أحق بالقضاء " .

فمن رأى أن الأصول تعارضه ، وذلك أنه كما أنه لا يصلي أحد عن أحد ولا يتوضأ أحد عن أحد وكذلك لا يصوم أحد عن أحد قال : لا صيام على الولي .

ومن أخذ بالنص في ذلك قال : بإيجاب الصيام عليه .

ومن لم يأخذ بالنص في ذلك قصر الوجوب على النذر .

ومن قاس رمضان عليه قال : يصوم عنه في رمضان .

وأما من أوجب الإطعام فمصيرا إلى قراءة من قرأ ( وعلى الذين يطيقونه فدية ) الآية .

[ ص: 251 ] ومن خير في ذلك فجمعا بين الآية والأثر .

فهذه هي أحكام المسافر والمريض من الصنف الذي يجوز لهم الفطر والصوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية