الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبذلك ذم الله تعالى قوما جعلوا لله ما يكرهون فقال تعالى : ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا وقف بعض القراء على النفي تكذيبا لهم ، ثم ابتدأ وقال جرم أن لهم النار أي : كسب لهم جعلهم لله ما يكرهون النار .

التالي السابق


ثم قال المصنف: (وبذلك ذم الله قوما جعلوا لله ما يكرهون) وتصف ألسنتهم الكذب، (فقال تعالى: ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب ) حمل المصنف تابعا لصاحب القوت أن المراد بجعلهم ما يكرهون ما يقدمونه في سبيل الله من صدقة أو هبة أو هدية، وعموم الآية لا يمنع من ذلك، والذي أخرجه ابن أبي حاتم عن الضحاك في تفسير هذا القول يقول: تجعلون لي البنات وتكرهون ذلك لأنفسكم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: ما يكرهون، قال: هن الجواري.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: وتصف ألسنتهم الكذب قال: قول كفار قريش: لنا البنون ولله البنات، وهذه التفاسير كلها مواطئة لسياق الآية؛ فإن الله تعالى قال قبل هذه الآية: ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ( أن لهم الحسنى ) جاء في تفسيره أي: الغلمان. رواه ابن جرير وعبد الرازق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قوله: (لا وقف بعض القراء على النفي تكذيبا، ثم ابتدأ وقال) وعبارة القوت: وفي الآية وقف غريب لا يعلمه إلا الحذاق من أهل العربية، يقف على "لا" فيكون نفيا لوصفهم أن لهم الحسنى، ثم يستأنف ( جرم أن لهم النار أي: كسب لهم جعلهم لله ما يكرهون النار) أي: بجرمهم واكتسابهم .

وقال أبو محمد عبد السلام بن علي بن عمر المالكي في كتاب الوقف والابتداء مثل ما ذكره صاحب القوت، فقال: قيل: يجوز الوقف على لا في هذه الآية؛ لما فيها من الرد عليهم وتكذيبهم فيما زعموا أن لهم الحسنى، وشبهت "لا" هنا ب"كلا" في موضع يكون الرد، و "جرم" يبتدأ بها بمعنى حقا وجبت لهم النار .




الخدمات العلمية