الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2849 (8) باب

                                                                                              النهي عن المزابنة

                                                                                              [ 1619 ] عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة، والمزابنة: بيع ثمر النخل بالتمر كيلا، وبيع الزبيب بالعنب كيلا، وعن كل تمر بخرصه.

                                                                                              وفي رواية: والمزابنة: أن يباع ما في رؤوس النخل بتمر بكيل
                                                                                              مسمى، إن زاد فلي، وإن نقص فعلي.


                                                                                              رواه البخاري (2171)، ومسلم (1542) (74 و 75)، والنسائي ( 7 \ 266 ). [ ص: 390 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 390 ] (8) ومن باب النهي عن المزابنة

                                                                                              ووزنها: مفاعلة، ولا تكون إلا بين اثنين. وأصلها في اللغة: الدفع الشديد. ومنه وصفت الحرب ب (الزبون) لشدة الدفع فيها. وبه سمي الشرطي: زبنيا؛ لأنه يدفع الناس بعنف وشدة. ومنه: زبن الناقة الإناء عند الحلب. ولما كان كل واحد من المتبايعين يدفع الآخر في هذه المبايعة عن حقه سميت بذلك. هذا معنى المزابنة لغة. وأما معناها في الشرع: فقد جاء تفسيرها في هذه الأحاديث بألفاظ مختلفة، كما وقع في الأصل. حاصلها عند الشافعي : بيع مجهول بمجهول، أو بمعلوم من جنس يحرم الربا في نقده. وخالفه مالك في هذا القيد، فقال: سواء كان مما يحرم الربا في نقده، أو لا، مطعوما، أو غير مطعوم.

                                                                                              و ( قوله في المزابنة: هي بيع ثمر النخل بالتمر كيلا ، وبيع الزبيب بالعنب كيلا؛ يعني: أن يكون أحدهما بالكيل والآخر بالجزاف، للجهل بالمقدار في [ ص: 391 ] الجنس، فيدخله الخطر. وإذا كان هذا ممنوعا للجهل من جهة واحدة، فالجهل من جهتين؟ كجزاف بجزاف أدخل في المنع، وأولى. وهذا الحديث يشهد للشافعي على تفسيره للمزابنة، فإنه ما ذكر في الحديث الأول إلا النخل، والعنب. وكلاهما يحرم الربا في نقده، وألحق بهما ما في معناهما. وأما مالك ففهم أن المنع فيها إنما كان من حيث الغرر اللاحق في الجنس الواحد، فعداه لكل جنس وجد فيه ذلك المعنى. والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية